(فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا ... (٢٩) أعرضَ عنه ولم يتأمله. والمراد به القرآن. وفي إضافته إلى نفسه؛ إشارة إلى أنه كان حقيقًا بالإقبال. (وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) إلا هذا الخسيس، لا أن ذلك كان لعائق آخر.
(ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ... (٣٠)
اعتراض يؤكد الأمر بالإعراض؛ لأن السعي في الإرشاد إنما يجدي لمن له قابلية الترقي (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى) يعلم من يجيب ومن لا يجيب، وقد علم أن هؤلاء أهل الطبع. وفي إعادة العلم ثانيًا مبالغة دالة على كمال تمايز الحزبين عنده.
(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ... (٣١) خَلقًَا ومُلْكًَا. نفى به توهم الإهمال، وتركهم سدى من قوله: (فَأَعْرِضْ)، ولذلك عقبه بقوله: (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا) بجزاء أعمالهم، (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) غيَّر النظم، للدلالة على أَن جزاءهم ليس على قدر أعمالهم. ويجوز أن يتعلق (لِيَجْزِيَ) بقوله (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ). وقوله: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ) اعتراض يؤكد حديث الجزاء بأنهم تحت ملكه.
(الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ ... (٣٢)
بدل من (الَّذِينَ أَحْسَنُوا) أو صفته، أو نصب، أو رفع على المدح. أَي: الكبائر من الإثم فإنه جنس الذنوب. والكبيرة: ما توَعَّد عليه
1 / 26