Kadının İçgüdüsü
غريزة المرأة
Türler
مقدمة الطبعة الثانية
مقدمة الطبعة الأولى
الإهداء
أشخاص الرواية
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
مقدمة الطبعة الثانية
مقدمة الطبعة الأولى
Bilinmeyen sayfa
الإهداء
أشخاص الرواية
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
غريزة المرأة
غريزة المرأة
تأليف
إبراهيم عبد القادر المازني
Bilinmeyen sayfa
مقدمة الطبعة الثانية
لما صدرت الطبعة الأولى ومثلت الرواية وشاهدت أشخاصها على المسرح لاحظت أنا عيوبا، ولاحظ غيري من الإخوان والنقاد سواها، ففكرت في هذا كله، وبدا لي أن خير ما أصنع هو أن أحاول أن أنتفع بالنقد الذي وجه إلي، بغض النظر عن البواعث، فإن الحق حق على كل حال، وقد نقحت الرواية وزدت عليها فصلا هو الثالث الآن، وهذا التنقيح لا يغير موضوعها، بل يزيد فكرتها وضوحا والغرض منها بروزا، وأحسب هذه أول مرة يحدث فيها أن كاتبا - على الأقل في مصر - يتناول مؤلفا له بمثل هذا التعديل الجسيم، ولكني لا أرها بدعة سيئة ولا سنة غير محمودة، وما دام أن الكاتب نفسه قد اقتنع بصحة النقد ومطابقته لما يراه هو، فإن من الحماقة أن لا يعالج عمله بالإصلاح والتهذيب، ولا سيما إذا كان ميسورا، ومما سهل علي الأمر أن الطبعة الأولى نفدت بسرعة وأن الحاجة إلى طبعة أخرى كانت جلية.
وقد ألحقت بالرواية رواية مترجمة هي «الشاردة» لجون جالسوردي الكاتب الإنجليزي المعروف؛ ليقابل القارئ ويقارن كما يشاء؛ دفعا لكل وهم قد يسبق إلى الذهن.
وليس يسعني إلا أن أتقدم بالشكر لكل من تفضل بإيلاء روايتي «غريزة المرأة» عنايته، كائنا ما كان رأيه فيها، وأخص بالشكر صديقي الأستاذ الدكتور محمد حسين هيكل بك، وقد وفقت بين رأيه ورأيي في تسمية الرواية، وساعدني على ذلك الفصل الذي زدته.
إبراهيم عبد القادر المازني
مقدمة الطبعة الأولى
الحكاية التي تنطوي عليها هذه الرواية لا جديد فيها ولا ابتكار ولا عمل للخيال، وأعني النفور بين زوجين وما يؤدي إليه ذلك في الأحيان الكثيرة من تقوض بناء الأسرة والشقاء وخيبة الأمل في الحياة، وأمثال ذلك تقع كل يوم، وفي كل لغة مئات من القصص التي تدور على هذا المحور، فلا فضل لي أدعيه، ولا جهد أستطيع أن أباهي به؛ فإن الطريق مطروق والأرض ممهدة وما انقطعت الأرجل قط عن السير فيها، والأمثلة التي يمكن أن تحتذى لا تعد ولا تحصى، وفي وسع القارئ - بلا أدنى عناء - أن يهتدي إلى عشرات من الروايات التمثيلية وغير التمثيلية التي تتناول هذا الموضوع وتقلبه على كل وجه وتصفيه أتم تصفية وأوفاها؛ وهذا ما أحب أن أقرره في ذهن القارئ؛ فأنا لم أصنع شيئا حين جئت بقصة مذالة وتناولت موضوعا مبتذلا سبقني إليه كل من تناول قلما ليروي حكاية أو يصورها بأحسن ألف مرة مما أستطيع أنا أن أفعل، وفي وسعي أن أورد هناك أسماء مائة قصة هذا موضوعها، وليست هي كل ما يقرأ، بل بعض ما يتسع لقراءته وقت الذين لا يقصرون اطلاعهم على القصص والروايات، غير أني اعتقد أني وجهت الحوار في هذه الرواية توجيها يستحق العناية، ولهذا أكتب هذا التصدير، فما ثم شيء في حكاية زوجين فسد الحال بينهما ووقعت النبوة وانتهى الأمر إلى الفراق والنزاع، وما عسى أن يجرا في ذيلهما من المتاعب والأسواء، وإنما الشيء ما وراء ذلك كله من الأسباب الدافعة والعوامل التي من شأنها أن تفضي إلى هذا الحال، وقد عولج هذا الموضوع من قبل؛ غير أني حاولت في هذه الرواية أن أبرز سببا معينا ولو على حساب غيره من الأسباب، لأنه عندي السبب الأقوى، وما عداه - في يقيني - أقل وخامة في عواقبه إذا أغفل، وقد حاولت جهدي أن أشير إليه في أثناء الحوار وأنبه عليه، ولكني مقيد - في إدارة الحديث - باعتبارات شتى لا سبيل إلى الإغضاء عنها، منها ما هو واجب؛ من الاحتشام والتزام حدود الأدب واللياقة، ومنها - وهذا أهم - أن المفروض في الرواية أن الزوجين اللذين فسد ما بينهما لا يدركان هذا السبب ولا يفطنان إليه، وأنهما قد يحومان حوله ولكنهما لا يقعان عليه، ولو أنهما كانا يعرفانه ويدركان كنهه لصلح حالهما واستقر الأمر بينهما على حدود الوفاق.
والمسألة هي أن غريزة حفظ الذات في الرجل أقوى، وأن حياة المرأة مدارها وقوامها غريزة حفظ النوع على الأكثر، هذا هو الأصل، والشواذ غير معدومة ولا قليلة، ولكن الشواذ لا تنفي الأصل ولا تحجبه، وليس هذا مكان الإفاضة في شرح هذا الفرق، وعلى من شاء التوسع أن يطلبه في الكتب والفصول التي تتناول هذا الموضوع، فالوفاق بين الرجل والمرأة لا يكون إلا إذا فهم كل منهما طبيعة الآخر وما تتطلبه كل من الغريزتين، والشقاق نتيجة العجز عن هذا الفهم، وقد تؤدي أسباب أخرى إلى الخلاف والجفوة، ولكن من المحقق أن العجز عن إدراك مطالب الغريزة النوعية في المرأة يؤدي بلا أدنى شك وفي كل حال إلى فساد ما بينها وبين الرجل، ومن الرجال من يكون سلوكه مرضيا للمرأة ومحببا لها فيه وهو لا يدري لماذا؛ لأن سلوكه معها لا فضل فيه إلا للفطرة الذكية، غير أن الفهم الصحيح لا يكون إلا ثمرة الدرس العلمي، وليست الغريزة النوعية في المرأة فوضى؛ فإن لها لقوانين قد يلحقها الاضطراب أحيانا ويصيبها الشذوذ، ولكنها حتى في شذوذها واضطرابها غير مستعصية على الدرس.
أكتب هذا وقد جربت الأمر بنفسي، ووقعت في مشاكل الجهل، ولم ينجني من عواقبها السيئة إلا التوفيق إلى درس طبيعة المرأة وغريزتها، فقد تزوجت أول ما تزوجت وأنا في العشرين لا أعرف عن المرأة إلا أنها أنثى، ولا عن الزواج إلا أنه وسيلة مشروعة لتعارف الجنسين، فقضينا ثلاث سنوات ونحن في جحيم لا تخمد ناره ولا ينقطع عذابه، فكاد يجنني أنا بدأنا متحابين، فما هي إلا شهور حتى صرنا إلى شر ما يمكن أن يصيب زوجين من النفرة وقلة الاحتمال، وعدم الاستعداد للتفاهم والعجز عن إصلاح الفساد، وكاد الأمر ينتهي إلى الفرقة النهائية لولا أنه اتفق أن قرأت فصلا في مجلة راقني يومئذ، وعرفت بعد ذلك أنه سخيف محشو بالخطأ؛ غير أنه دفعني إلى درس موضوع لم تكن لي به عناية، فأقبلت على الكتب ألتهمها، حتى الجاف الذي لا يطيقه ولا يفهمه غير الأخصائي؛ من مثل الكتب الطبية، وأذكر من بينها كتابا ضخما في الإمساك، ولما شبعت من القراءة واعتقدت أني وصلت إلى نتيجة يمكن الانتفاع بها شرعت أطبق العلم على العمل وأدرس طبيعة زوجتي، وصبرت على التجريب والاختبار أكثر من عام، وعشنا بعد ذلك ستة أعوام كأسعد ما يكون زوجان في هذه الدنيا التي لا تخلو من المنغصات، وقبضها الله إليه بعد ذلك، فكان مما عزاني أني لم أقصر، وأني إذا كنت عذبتها بجهلي ثلاث سنوات فقد استطعت أن أذيقها طعم السعادة النسبية ضعف هذا الزمن.
وليست هذه الرواية نقدا، ولقد هممت أن أجعل ختامها في بيت الزوج بعد تنفيذ حكم الطاعة على الزوجة، مع اختلاف يسير في النتيجة، ولكني خفت أن يعد نقدا لحكم الطاعة، وليس هذا ما قصدت إليه، ولقد تحريت في أثناء الحوار أن أبين أن الزوجة لم يكن لها دفاع، ولا هي تقدمت إلى المحكمة بما يصلح أن ينهض عذرا لها، ولو فعلت واستطاعت أن تثبت أن التفريق واجب لقضي لها به، ولكنها فقيرة مكروبة ممزقة الأعصاب، تكتفي بالفرار مما تكره.
Bilinmeyen sayfa
وأرجو أن أكون قد وفقت في إبراز الفكرة التي وجهت الحوار إليها وشرحتها بإيجاز في هذه المقدمة، فإن ما عداها لا يعنيني لا كثيرا ولا قليلا، وبحسبي من القارئ أن يلتفت إلى هذا الذي أردته، وليكن رأيه بعد ذلك في الرواية وفي كاتبها ما شاء؛ فالكاتب لا قيمة له، والرواية أقل منه قيمة.
إبراهيم عبد القادر المازني
الإهداء
إلى التي عذبتها بجهلي ثلاث سنوات، والتي كادت تذهب ضحية لي كما ذهبت ليلى.
إبراهيم عبد القادر المازني
أشخاص الرواية
فؤاد:
زوج ليلى.
خيري:
ابن عم فؤاد.
Bilinmeyen sayfa
حامد:
ابن خالة ليلى.
الشاب شوقي:
يوزباشي.
حماد:
عسكري بوليس.
ليلى:
زوجة فؤاد.
ثريا:
زوجة خيري.
Bilinmeyen sayfa
الحاجة:
قريبة حامد.
فريدة:
خادمة في بيت فؤاد.
الفصل الأول
(حجرة مستطيلة تتصل بشرفة مؤدية إلى الحديقة ببابين من الزجاج، وإلى اليسار باب واسع يفضي إلى غرفة المائدة، والستار مشدود على بكره إلى اليمين بحيث يرى المرء الغرفة وبابها على الشرفة، وفي الركن مما يلي الباب مكتب دقيق الحجم عليه زهرية، وفوقه صورة زيتية لمنظر، وبين بابي الشرفة كرسي فوقه على الجدار صورة «رأس» بالباستيل، وإلى يمين الباب الثاني كرسي كالأول، وفوقه صورة مائية لمنظر ريفي، وفي الركن مما يلي الكرسي حمالة خشبها من نوع خشب الكرسي، وفوقها زهرية من الصيني بلون السماء تسبح فيها السحب وفيها شجيرة، وإلى اليمين باب آخر يفضي إلى المكتبة، والسجادة في وسط الغرفة، والأرض خشب مصقول كما يبدو من حولها، وثم بضعة كراسي أخرى، والطابع العام هو الأناقة مع البساطة واجتناب الكظ، وحسن الجمع بين الضوء والألوان.)
الوقت: قبل الظهر.
يرفع الستار عن الخادمة الجديدة «فريدة»، وهي فتاة مشرقة الديباجة سوداء الشعر، وعيناها كالمخمل الأسود، وتحت إبطها منفضة صغيرة من الريش الناعم، وهي تغني بصوت خفيض؛ فعل الآمن أنه لن يفاجأ، الضامن العطف إذا فوجئ، وهي تظهر - حين يرفع الستار - خارجة من حجرة المكتبة متجهة إلى المكتب الصغير.
ويدخل وراءها على أطراف أصابعه كأنما كان متربصا «خيري»، وهو شاب يبلغ الثلاثين من عمره، مديد القامة، قوي البنية، رشيق الحركة، أسمر اللون، يلبس حلة صيفية رمادية محبوكة التفصيل، ثم يقف وراءها.
خيري :
Bilinmeyen sayfa
صباح الخير يا فريدة.
فريدة (تفزعها المفاجأة فتند عنها صرخة خافتة) :
آه! سيدي خيري بك.
خيري (مسددا نظره إليها وعلى فمه طيف ابتسامة) :
وحدك يا فريدة؟
فريدة (تبدأ يداها تعبثان بالمريلة) :
آه.
خيري (بابتسامة عريضة) :
حسن؛ إني أريد أن أتحدث إليك قليلا.
فريدة :
Bilinmeyen sayfa
تحدثني أنا؟
خيري :
نعم أنت، ولم لا؟ ألا تعرفين أني غمزتك بعيني ثلاث مرات على العشاء أمس وأنت تتظاهرين بعدم الالتفات؟
فريدة (متظاهرة بالدهشة) :
غمزتني يا سيدي! لست أفهم مرادك.
خيري :
كلام فارغ، هل تريدين أن تقولي إن فتاة رشيقة زكية مثلك لا تدرك لغة العيون الطبيعية التي كان أدم وحواء يتناجيان بها؟! هل تطلبين مني أن أصدق أنك لم تفهمي غمزتي وأنت تضعين الشواء؟! لقد قلت لك بأفصح لسان وأقوى بيان إني أريد أن أكون لك كروميو، ألم تسمعي به. (تهز رأسها)
مستحيل؛ إن كل رجل روميو، وكل امرأة جولييت، والبارحة بعد أن رقدوا جميعا انتظرتك تحت، في المطبخ، في الظلام وحدي؛ لعلك تنزلين إلي، لشد ما خيبت أملي يا فتاتي الجميلة! انتظرت، وانتظرت، ساعة كاملة، وأنت لا تجيئين، ذهب تعبي ووقتي سدى، وكلت أعصابي بلا طائل واتسخت ثيابي بلا مقابل.
فريدة (بخبث) :
هل كنت جوعانا؟
Bilinmeyen sayfa
خيري (يزوم) :
اممم، نعم جوعان، بل قولي: ظمآن إلى حسنك.
فريدة :
أوه يا سيدي! لم أكن أعرف.
خيري (مقاطعا) :
حسن هذا.
فريدة (متممة كلامها) :
إنك رجل، رجل، نعم رجل تاجر؛ ثم إنك متزوج.
خيري :
ليس لي حيلة يا فريدة، فإنك جميلة، وأنا ... أنا ... أنا شاب وإن كنت متزوجا، وفي عروقي دماء حارة لا ماء بارد، والزواج لا يعمي عن الجمال الذي في الدنيا، ولست أرى الزواج على كل حال يعصمني من فتنة هذا الحسن. (يمد ذراعيه إليها فتتراجع نحو باب الشرفة، ولكن ببطء.)
Bilinmeyen sayfa
فريدة :
لا، لا، لا يا سيدي أرجوك.
خيري :
قبلة واحدة يا فريدة، قبلة خفيفة من هذا الفم الحلو كعربون للصداقة. (يطوقها ويطبع على فمها قبلة طويلة وهي مستسلمة مجاوبة، وفي أثناء ذلك، وبينما هو حان عليها وهي كالسكرى مغمضة العين تمر ليلى على الشرفة فتراهما في عناقهما فتنحدر إلى الحديقة.)
فريدة (ترده عنها في رفق) :
ألا تشبع؟! قلت واحدة وهذه عشر.
خيري :
أتكرهين أن تكوني محبوبة؟!
فريدة (بخبث ودلال) :
وهل أنت تحبني؟!
Bilinmeyen sayfa
خيري :
ألم تخبرك شفتاي؟!
فريدة (وهي تحاوره ضاحكة) :
والشفاه أيضا لها لغة؟! كلا لم تقولا شيئا.
خيري (يدنو منها) :
لقد قصرتا إذن، فلنعد الكرة، وأنا الضامن في هذه المرة حسن أدائهما للرسالة. (يطوقها ويجذبها إليه فتلين له، وينظر في عينها ثم يهم بتقبيلها وقد اطمأن إلى استجابتها، ولكنها تلمح سيدها داخلا فتدفعه بعنف وتنزع نفسها من عناقه وتلطمه على خده.)
فريدة (بصوت عال) :
هذا جزاؤك وأنت المسئول.
فؤاد (مقهقها) :
برافو فريدة سأزيد مرتبك نصف جنيه من هذا الشهر مكافأة لك.
Bilinmeyen sayfa
فريدة (وهي تخرج من باب غرفة الطعام) :
أشكرك يا سيدي.
فؤاد (يدس يديه في جيبي البنطلون) :
لم أكن أحسبك لعينا إلى هذا الحد.
خيري (يتحسس خده بكفه وهو يزوم ويقول لنفسه) :
وبعد أن تهيأت للتقبيل، إن حظي اليوم سيئ.
فؤاد :
اسمع يا صاحبي، لست أحب أن ألقي عليك درسا ولكنك أ ... مستحيل، حاول أن تضبط أعصابك داخل البيت على الأقل.
خيري (يجلس بفخذ على حافة المكتب ويخرج سيجارة) :
اسمع أنت، إن لك بيتا جميلا، وأنت ابن عم كريم، ولكني لن أستطيع أن أبقى هنا يا فؤاد؛ لأنه ينقصني ألزم ما يلزم لحياتي وهناءتي.
Bilinmeyen sayfa
فؤاد :
وما هذا.
خيري :
امرأة أغازلها (ويمد يده بعلبة السجائر).
فؤاد (وهو يتناول سيجارة) :
ولكن لك زوجة، فماذا تروم فوق ذلك؟ أليست امرأة؟
خيري :
لا تتهكم، إن زوجتي هي زوجتي، أعرف ذلك، ولكن المصيبة أن لي مزاجا. فلست أستغرب أن لا تفهم، (يهز كتفه)
بل لك العذر إذا لم تفهم، غير أني أصارحك بأن مجالسة النساء ضرورية لي؛ إني أشعر حين أحدق في عيونهن وأشرب بلحاظي الخمر التي في خدودهن أن روحي تربو وتهتز وتتسع آفاقها وأصبح إنسانا آخر.
فؤاد :
Bilinmeyen sayfa
ولكن ألا تفكر في شيء آخر؟
خيري :
أي شيء آخر هناك يستحق التفكير؟ هيه، إن المرأة هي قوام الحياة، والحب هو المحور الذي تدور عليه الدنيا، لا تصدق الجغرافيا، ولكن صدق التاريخ، ألم تسمع بأنطونيو وكليوباترا، وباولا وفرانشسكا، وروميو وجولييت، وليلى ومجنونها؟
فؤاد :
أظن ليلى آتية.
خيري :
من الحديقة؟ (ناهضا).
فؤاد :
نعم، لا، لقد عادت، وقفت وتلفتت ثم عادت، أظن ثريا نادتها.
خيري :
Bilinmeyen sayfa
لا تطمئن يا صاحبي، ستعودان معا.
فؤاد :
أتكره أن تراهما.
خيري :
أكره؟ من الذي قال إني أكره، إني أحب ولا أكره خلقت لهذا دون ذاك، وهل فرغت من الحب حتى أحتاج أن أكره؟! إن ألسنة الجمال لا تنفك تناديني وتهتف بي وتدعوني إليها، وقد تلح أحيانا في الدعوة فلا يبقى لي مفر من الإجابة (تشرد نظرته)
وإنها الآن لتدعوني بقوة.
فؤاد (بتهكم) :
من عسى تكون هذه السعيدة؟
خيري (كاليائس) :
أووووه! لست أراك تفهم، إنه الجمال في حيثما يكون.
Bilinmeyen sayfa
فؤاد :
وما يمنعك أن تذهب إليه.
خيري (يهز رأسه) :
لا أستطيع؛ أصبحت ثريا كالشرطي في ثوب امرأة، شارلوك هولمز لا يذكر بالقياس إليها.
فؤاد :
اخترع سببا.
خيري :
قد استنفدت أعذاري جميعا ونضب معين اختراعي.
فؤاد :
مسكين.
Bilinmeyen sayfa
خيري :
أتذكر يوما سافرت معك إلى ضيعتك وأفلت منك في المحطة؟ هيه، هذه هي المرة الوحيدة التي نجوت فيها من رقابتها (يطرق وينفض السيجارة) ، ومع ذلك من يدري؟! إني لا أعرف أبدا أين أنا منها. (يسمعان حفيف أثواب ولغطا قريبا فيلتفتان. )
خيري :
ألم أقل لك؟! (تدخل ثريا وليلى، وليلى تبلغ الخامسة والعشرين، وهي معتدلة القامة ممشوقة القد هادئة الخطى متزنة الحركات ذهبية الشعر بارعة الوجه، ولكنها تبدو في هذه اللحظة باهتة اللون وفي محياها سهوم، وفي نظرتها إصرار وعلى شفتيها زمة كأنها تريد أن تكبح شيئا يعالج أن ينفجر، ومما يزيد ذلك تأكيدا أنها في ثوب من الفوال قرمزي اللون مشدود إلى خصرها بحزام فضي على صورة أفعوان. أما ثريا فأطول منها قليلا وأكثر امتلاء، وشعرها بلون القمح الناضج، وعيناها زرقاوان، وحاجباها أسودان، وهما خطان دقيقان، وفمها صغير وعليه ابتسامة المستخف، يتقدم خيري إلى زوجته ثريا بذراعيه ويقبلها بحرارة.)
ثريا (تتلقى عناقه بهدوء وبنفس الابتسام) :
يا زوجي العزيز أتراني الأولى؟
خيري :
أي لغز هذا يا ثريا؟
ثريا :
التي قبلتها اليوم؟
Bilinmeyen sayfa
فؤاد (ضاحكا) :
أو! هوهوهوهو!
خيري :
ثريا، كيف يدور برأسك الصغير خاطر كهذا؟!
ليلى (لنفسها) :
يا للرجال!
ثريا (لفؤاد) :
ماذا كان يقول لك، أراهن أنه كان يفضي إليك بآرائه فينا، أعني في النساء.
فؤاد (مرتبكا) :
هذا يا ثريا موضوع. أ ... أ ... (يلتفت إلى زوجته ليلى فيرى جمودها فيزداد ارتباكا)
Bilinmeyen sayfa
أ ... لا يليق، أ ... أ ...
ثريا :
أعرف أنك رجل جاد.
ليلى (لنفسها) :
جاد، لو تعرف.
ثريا (مستمرة) :
وأن لك مشاغل أخرى، أما هو فليس بشيء إن لم يكن زير نساء.
خيري (متكلفا الحدة وإن ظل يبتسم) :
كيف يطاوعك قلبك على اتهامي ونعتي بمثل هذه الصفات؟!
ثريا :
Bilinmeyen sayfa
لأنها الحقيقة.
ليلى (لنفسها) :
وأنا أشهد.
ثريا (مستمرة) :
أنك رجل لا غرض لك من الحياة إلا المرأة.
خيري (مغالطا برقة) :
المرأة؟! صدقت، ممثلة فيك.
ثريا (بابتسامة لليلى) :
يقولون في أمثالنا أن «اليد البطالة نجسة» (ثم لزوجها)
وما أظن بيدك إلا أنها ... أ ... أ ... ساعديني يا ليلى.
Bilinmeyen sayfa