أنَ تعلُّمَ اللغات أفضل من التفرُّغ والتخلي للعبادة، إذ لما علَّم الله آدمَ أسماء المسميات كلَّها أمر الملائكة الذين يعبدونه في كلِّ طرفةِ عينٍ أن يسجدوا لأدم لهذه المزية.
ورحم الله القائل:
علمُ اللغاتِ علينا ... فرضٌ كفرضِ الصلاةِ
فليس يحفظ دينٌ ... إلا بحفظ اللُّغاتِ
لذا قام علماء هذه الأمَّة بالتشمير عن ساعد الجد، فبدؤوا بالتصنيف في سائر الفنون والعلوم، ومِنْ جملتها علمُ اللُّغة، فألَّفوا المُؤلَّفات الكثيرة ما بين صغيرٍ وكبير، حتى حفظوا لنا اللُّغة وأوصلوها إلينا، إذ لو التأليف لضاعت أكثر العلوم، لعجزِ كثيرٍ من النَّاس عن الحفظ.
وكان من ضمن كتب اللًّغة كتابُ "الغريب المصنَّف، للإمام المُتفَقِ على جلالته أبي عبيدٍ القاسم بن سلاَّم، صنَّفه في أربعين سنةً ورَتّبه على الموضوعات، فكان كتابُه هذا من طليعةِ المعاجم العربية المؤلفة في هذا النوع والكتابُ لَمْ يرَ النور إلى هذا اليوم، فأعاننا الله على تحقيقه ونشره، ونسأله تعالى القبول،
ونبدأ أولًا بترجمة المؤلف.
ثمَّ بدراسةٍ وافيةٍ عن كتابه
ثمَّ بإخراج نصِّ الكتاب.
وما توفيقنا إلا بالله، عليه توكَّلنا، وعليه اعتمادنا.
المحقق
المدينة المنورة ١٤١٠ هـ
1 / 246