حكم رواية المدلس:
خلاصة القول في هذا أن للعلماء ثلاثة أقوال:
القبول مطلقا، وهو قول جمهور من قبل المرسل، فلم يجعلوا المدلس مثل الكذاب، ولم يروا صفة التدليس جرحا في العدالة، وغاية ما في الأمر أن يكون بمعنى الإرسال.
الرد مطلقا، وهو قول لبعض أصحاب الحديث وبعض الفقهاء (١)، قالوا: (٢) إن التدليس جرح في المدلس، لإيهامه سماع ما لم يسمع (٣).
التفصيل: قبول ما صرح فيه بالسماع، ورد ما سواه، وهذا هو الراجح المرتضى، إذ لا يزول الإيهام ولا يرتفع الإشكال إلا بلفظ صريح، كأن يقول: سمعت، وحدثني، وأخبرني، ونحو ذلك (٤).
وبيانه: أن التدليس أخو الكذب والغش والخداع، وهو مناف لقول رسول الله ﷺ: (الدين النصيحة) (٥)، فهو غش للأمة، وقد قال ﷺ: (من غشنا فليس منا) (٦)، وهذا منصب على من فعل ذلك قاصدا إخفاء ما يقتضي رد الرواية، وهو في عمومه جرح إلا الذين عرف النقاد سيرتهم فيه وقبلوا عنعنتهم وهم:
_________
(١) انظر (الكفاية ٥١٥).
(٢) انظر (الكفاية ٥١٥).
(٣) انظر (الكفاية ٥١٥، وجامع التحصيل ١١١).
(٤) انظر (الكفاية ٥١٧).
(٥) أخرجه الإمام مسلم في (١/ ٧٤) كتاب الإيمان، باب (٢٣) حديث (٩٥ - ٥٥).
(٦) أخرجه الإمام مسلم في (١/ ٩٩) كتاب الإيمان، باب (٤٣) حديث (١٦٤ - ١٠١).
1 / 56