البغدادي في كتبه الكثيرة (١)، وقد أفرد كل فن من فنون الحديث بمؤلف في الغالب، ومن هنا كان كل من جاء بعده من العلماء في هذا العلم عالة على مصنفات الخطيب، ولم ينشط البحث عن الفوائد والنكت في هذا العلم إلا بعد أن أخرج أبو عمرو بن الصلاح كتابه المشهور بمقدمة ابن الصلاح، فإنه اعتنى بمؤلفات من سبقه فجمع شتات مقاصدها، وأضاف إليها من الفوائد الكثيرة ما جعل كتابه بحق أحسن ما كتب في هذا العلم، فاق من سبقه وبقي من بعده مشتغلا بكتابه هذا، ما بين دارس ومدرس وشارح (٢) وناظم ومنكت (٣) ومختصر قال الحافظ ابن حجر: "فلا يحصى كم ناظم له (٤)
_________
(١) منها الكفاية في معرفة الرواية، والسابق واللاحق، المكمل في بيان المهمل، غنية المقتبس في تمييز الملتبس، قال الذهبي: للخطيب سنة وخمسون مؤلفا، زاد عليها في التذكرة (٣/ ١١٣٩) وذكر أن ابن النجار زاد على ذلك في معجمه (السير ١٨/ ٢٨٩) وذكر ابن خلكان أنه صنف قريبا من مائة مصنف، أحصاها يوسف العش فبلغت واحدا وسبعين (الخطيب البغدادي ص ١٢٠) وشيخنا أكرم العمري بلغت في حصره ستة وثمانين مصنفا (موارد الخطيبص ٥٥) ..
(٢) مثل عمل زين الدين العراقي في كتابه التقييد والإيضاح، وبعده السيوطي في كتابه تدريب الراوي، فإنه كثيرا ما يكمل عبارة ابن الصلاح وهو الكتاب الذي وضعه على تقريب النووي.
(٣) منهم بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي، وابن حجر.
(٤) منهم زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي، نظم فيه ألفيته المشهورة، وزاد عليه فوائد لا يستغني عنها طالب العلم، أشار إلى هذا فقال:
لخصت فيها ابن الصلاح أجمعه *** وزدتها علما تراه موضعه
1 / 12