وفي نفس اليوم الذي أصدرت فيه الملكة أمرها بالعفو ذهبت في صحبة بوثول لزيارة اللورد رمند؛ حيث مكثا في ضيافته نحو أسبوع، ومن هناك ذهبا معا إلى مدينة «توليبردين»، وكانت تلك التنقلات غذاء الأقاويل والإشاعات والفضائح التي تذاع عن علاقتهما غير الشريفة.
هل عاد الحب؟
غادر دارنلي زوج الملكة مدينة «سترلنج» حيث كان يعيش عيشة تاعسة؛ إذ كان الأشراف يتجاهلونه، وكان في حاجة إلى المال لقضاء ضروريات حياته حتى اضطر إلى الاستغناء عن خدمه، وأصابه المرض إذ ذاك فأشيع أن السم قد دس له، ولكن ما لبث الناس أن رأوه وقد شوه وجهه الجميل؛ فعرفوا أن المرض الذي أصيب به لم يكن إلا نتيجة لحياة التهتك التي يعيشها.
ولما عرف أنه قد وصل إلى أبواب الموت أخذ يكتب خطابات استعطاف إلى الملكة، ولكنها كانت تتجاهله، ولا تعنى به ولا بخطاباته، وقد اطمأنت عندما سمعت عن مرضه؛ إذ ظنت أنه قد يقضي عليه فيموت موتا طبعيا قبل أن يمسه الآخرون بسوء، فلما سمعت بتحسن صحته ذهبت لزيارته في جلاسجو.
ولما دخلت الملكة إلى غرفة زوجها المريض الذي هجرته منذ زمان، وجدته في فراشه وقد وضع على وجهه قطعة من النسيج الرقيق ليخفي التشويه الذي لحقه، فتأثرت تأثرا شديدا حتى ليقال: إنها ركعت على ركبتيها بجانب فراشه، وأخذت في البكاء على مرأى ومسمع من حاشيتها وأتباعه، واعترفت بندمها الشديد على الماضي.
وتبع ذلك الصلح، وأخذت تظهر له الحب والعطف والاهتمام بشأنه، وأخبرته بضرورة انتقاله إلى مكان آخر يتمتع فيه براحة أكبر، ويكون لائقا بمركزه الرفيع، وسر هو وقبل أن يعود معها إلى هوليرود، ولكنها قالت له: لا يمكننا الذهاب إلى هوليرود خشية أن تنتقل عدوى مرضك إلى ابنك الصغير.
فسألها: إلى أين نذهب إذن؟
ولما ذكرت له قصر «كريجميلر» هب واقفا من فراشه، فوقعت قطعة القماش التي كانت تخفي وجهه، وظهر ما لحقه من التشويه، فما وسع الملكة أن تخفي اشمئزازها من بشاعة منظره المرعب إلا بكل صعوبة، وصاح هو: إلى كريجميلر! إذن فلقد كان حقا ما أخبروني.
فقالت وهي تحدق فيه النظر وقد شحب وجهها: وبماذا أخبروك؟
وكانت أخبار ما حدث في قصر كريجميلر قد وصلت إلى مسامعه، فأخبرها أنه سمع بأن خطابا قد قدم إليها في ذلك القصر لتمهره بإمضائها، وأنها رفضت الإمضاء.
Bilinmeyen sayfa