وكان للورد ليستر معرفة تامة بأنواع السموم، ويرجح أنه هو قاتل السفير تروكمورتون - وكان تروكمورتون هو السفير الذي كتب له خطاب عزاء مؤثر عند وفاة زوجته آمي، ولكنه حرر في نفس الوقت خطابين آخرين إلى السياسي سيسيل، وإلى سفير إنجلترا في إسبانيا يعترض فيهما على زواجه من الملكة - ولقد توفي هذا السفير بعد أن تناول طعام الغداء مع اللورد روبرت، ولما عاد إلى منزله شعر بآلام داخلية حادة؛ فاستدعى أهل منزله وأعلن إليهم أنه يرجح أن الرجل الذي تناول معه الطعام في ذلك اليوم قد دس له السم، ووصفه لهم بأنه أكثر الرجال شرا وخطرا.
النساء
وقد أخذ كثيرون ينتظرون وفاة اللورد روبرت حتى يذكروا رأيهم فيه بصراحة. وبدأ هو بعد ذلك يشغل بالنساء، وكان يوفق في الحصول على أجملهن دون مجهود كبير، كما كان مركزه السامي يذلل العقبات التي تعترض رغباته. وكثيرا ما راح بعض الأزواج ضحايا لنزواته، فأحب اللورد روبرت زوجاتهن، ووفق في الحصول عليهن، وكانت سلطته قد تضخمت تضخما عظيما، كما أنه سئم الملكة وتسويفها الزواج منه وخداعها له؛ ولذلك تزوج سرا بسيدة تدعى لتيس ديفيرو، ووشي به أحد أعدائه فحمل الخبر إلى الملكة، التي اشتد غضبها حين سمعت به حتى هددت بإرساله إلى السجن، ولكنها قنعت أخيرا بطرد السيدة لتيس من القصر.
دولة ليستر
ولم تكن الأقدار غافلة عن الملكة وحبيبها، فبعد أربعة وعشرين عاما من وفاة آمي روبزارت طبعت في بلجيكا رسالة عنوانها : «دولة ليستر» كان ملؤها المطاعن والمثالب، ويقال: إن كاتبها كان كاهنا فرنسيا، وإنه كتبها بتحريض السياسي سيسيل، وكانت مقدمة الرسالة هذه الجملة فقط: «ستكشف السماء عن فجوره وتثور الأرض ضده.»
وتمكنت بعض نسخ هذه الرسالة من الوصول سرا إلى إنجلترا حيث قرئت باهتمام عظيم، حتى اضطرت الملكة إلى أن تصدر منشورا تستنكر فيه كل ما ورد في الرسالة، وتعلن امتلاءها بالكذب والبهتان. ومع أن شواطئ إنجلترا كلها روقبت بدقة إلا أن الرسالة كانت تنتشر باستمرار، وما لبثت أن ذاعت في البلاد، وأخذ الناس ينقلونها بخط أيديهم، ولا تزال بعض هذه النسخ الخطية باقية إلى اليوم.
كانت الرسالة قوية جدا في حملتها على ليستر، فلم يوصف فيها بأنه شخص كله خداع وخيانة وكذب وفجور وجبن وكفر فقط، بل اتهم صراحة بأنه قاتل زوجته.
وقد فصل الكاتب المجهول قصة وفاة آمي؛ فذكر أن ليستر كان يريد في أول الأمر أن يدس لها السم بإغراء فوني خادمه على تنفيذ الخطة الموضوعة، وقد طلب مساعدة الطبيب تيلي في ذلك، ولكن الطبيب رفض الاشتراك في مثل هذه الجريمة المروعة. وأخيرا ترك ليستر طريقة تنفيذ القتل لحنكة القاتل.
وذكر كاتب آخر أن آمي قد خنقت في فراشها أولا ثم ألقيت بعد ذلك من أعلى السلم فدق عنقها؛ حتى يعتقد الناس بأن موتها كان من جراء عثرة قدمها وسقوطها من أعلى السلم.
ورد أحد أقارب ليستر على رسالة «دولة ليستر» يدافع عن ليستر، ولكن رده لم يحدث أثرا حتى إنه لما أعيد طبع «دولة ليستر» بعد مائة عام من صدورها لقيت رواجا كبيرا.
Bilinmeyen sayfa