حكاية سيندريلا
وفي تلك الأثناء أصبح مركز المسز سمبسون حرجا للغاية، إذ صار افتراقها عن زوجها بعد كل تلك الضجة أمرا محتما، وأمام تلك الضرورة الملحة وجد الزوج الكندي حلا يدل على النبل، إذ ترك والي زوجته تتقدم إلى المحاكم طالبة الطلاق من زوجها؛ بحجة أنها فاجأت زوجها أرنست سمبسون مع حسناء يطلقون عليها: «الزرار الذهبي»، وتركها فعلا تفاجئه مع الشهود حتى تحصل على الطلاق بسهولة.
ولما حصلت والي على الحرية وأصبحت مطلقة جنت أمريكا، وجنت صحافتها، وبدأ البحث يدور حول موضوع واحد هو زواج الملك منها، بعد أن كان الحديث قبل ذلك حديث حبه لها، وغرامه بها! وبدأ استفتاء الرأي العام بواسطة الصحف عما إذا كان يوافق على زواج ملك إنجلترا من المسز سمبسون أم لا. وكان الملك معروفا جيدا ومحبوبا جدا في أمريكا؛ ولذلك أطلق احتمال زواجه من والي خيال الأمريكيين.
زواج مثل زواج سيندريلا في قصتها المشهورة! ذلك هو الحلم الخالد في أمريكا، وهو غذاء ثلاثة أرباع الأشرطة السينمائية التي يخرجونها في هوليود مدينة السينما، وها هو ذا الحلم يصبح حقيقة! وفوق ذلك هي أمريكية ستخلد على صفحات التاريخ للمرة الأولى، وترتقي سلم العرش! فلا شك أن هذا مما يملأ النفوس غرورا، ويشعر العزة القومية بالرضا. بدأ 128 مليونا من الأمريكيين يتمنون من صميم قلوبهم أن تتم المعجزة، حتى ترى عيونهم للمرة الأولى ملكة أمريكية، وتتحدث ألسنتهم عن المسز أرنست سمبسون التي أصبحت فيما هو أشبه بالخيال «الملكة والي».
ما أثقله!
ما أبعدنا اليوم عن مدينة المياه المعدنية في 1900 وعن جبالها الزرقاء! كان الأب تيكل وارفيلد قد قال وهو يشهد ابنته للمرة الأولى: سوف تصبح شخصا له أهميته.
ولقد أصبحت شخصا.
هي جالسة في ركن من أركان الصالون بقصر فورت بلفيدير إلى جانب النار، وأمامها الملك يفكر وقد نظر إلى لهيب النار! ووراء النافذة لا يوجد غير الضباب ، والنور في الصالون ضعيف يبعث على الحزن والكآبة، وعلى أرض الغرفة توجد الأكوام البيضاء هنا وهناك؛ تلك هي الصحف.
كانت الصحف معظمها أمريكية من التي لا يراها الرعايا الإنجليز، فقد كانت الحكومة تمنع بيعها، أو تمزق الصفحات التي يرد فيها ذكر الملك. أما الملك والمسز سمبسون فقد كان مسموحا لهما بقراءتها.
والملك يحاول في هذا النضال الغريب، الذي قد يناضله أقوى الملوك العصريين للدفاع عن غرامه، أن يفهم حقيقة رأي العالم! وهو يقدر فوق هذا العبء الثقيل الذي يجب أن يحتمله كتفه بسبب التقاليد، وبسبب المملكة، وبسبب الإمبراطورية.
Bilinmeyen sayfa