93

والثقلين لله تعالى ، وكذا المحامد التي سيذكرونها إلى وقت قوله تعالى ( دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) [يونس : 10] وإلى أبد الآبدين ودهر الداهرين فالمنعم به متناه والحمد غير متناه ، وإذا أسقط المتناهي من غير المتناهي بقي غير المتناهي. فالذي بقي للعبد طاعات غير متناهية فلا بد من مقابلتها بنعم غير متناهية ، فلهذا يستحق العبد الثواب الأبدي والخير السرمدي.

** الخامسة :

الله وجوده ، فإنعام الله تعالى واصل إلى كل من سواه ، فإذا قال العبد : «الحمد لله» فكأنه قال : الحمد لله على كل مخلوق خلقه ، وعلى كل محدث أحدثه من نور وظلمة وسكون وحركة وعرش وكرسي وجني وإنسي وذات وصفة وجسم وعرض من أزل الآزال إلى أبد الآباد ، وأنا أشهد أنها بأسرها لك لا شركة لأحد فيها معك.

** السادسة :

وقوع البداءة بالتحميد؟ والجواب أن التسبيح داخل في التحميد دون العكس ، فإن التسبيح يدل على كونه مبرأ في ذاته وصفاته عن النقائص ، والتحميد يدل على كونه محسنا إلى العباد ، ولا يكون محسنا إليهم إلا إذا كان عالما بجميع المعلومات ليعلم مواقع الحاجات وإلا إذا كان قادرا على المقدورات ليقدر على تحصيل ما يحتاجون إليه ، وإلا إذا كان غنيا في نفسه وإلا شغله حاجة نفسه عن حاجة غيره ، فثبت أن كونه محسنا لا يتم إلا بعد كونه منزها عن النقائص والآفات.

** السابعة :

وهو اقتضاء تجدد النعم لقوله تعالى ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) [إبراهيم : 7] فبالأول يغلق عنك أبواب النيران ، وبالثاني يفتح لك أبواب الجنان ، فإن الحمد لله ثمانية أحرف بعدد أبواب الجنة.

** الثامنة :

: منذ ثلاثين سنة أستغفر الله لقولي مرة واحدة الحمد لله. وذلك أنه وقع الحريق في بغداد وأحرقت دكاكين الناس فأخبرني واحد أن دكاني لم يحترق فقلت : الحمد لله. وكان من حق الدين والمروءة أن لا أفرح بذلك ، فأنا في الاستغفار منذ ثلاثين سنة. فالحمد على نعم الدين أفضل من الحمد على نعم الدنيا ، والحمد على أعمال القلوب أولى من الحمد على أعمال الجوارح ، والحمد على النعم من حيث إنها عطية المنعم أولى من الحمد عليها من حيث هي نعم ، فهذه مقامات يجب اعتبارها حتى يقع الحمد في موضعه اللائق به.

Sayfa 95