110

** المال الصالح للرجل الصالح

الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء ) [البقرة : 21 ، 22] وقال : ( وكنتم أمواتا فأحياكم ) [البقرة : 28] كل ذلك في معرض الامتنان وشرح النعم. وقال : ( وقليل من عبادي الشكور ) [سبأ : 13] ( ولا تجد أكثرهم شاكرين ) [الأعراف : 17] والشكر لا يكون إلا بعد النعمة.

** الثالثة :

كان لله عليه نعمة دينية ودنيوية. ثم إنه يخرج بقوله «غير المغضوب عليهم ولا الضالين» كل من عليه نعمة دنيوية فقط ويبقى الذين أنعم الله عليهم في الدنيا والآخرة من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وكما أن أصل النعم الدنيوية هي الحياة المستتبعة لكل المنافع ، فكذلك أصل النعم الدينية هو الإيمان المستلزم لجميع الخيرات والسعادات. وكما أن كمال البدن بالحياة فكمال النفس بالإيمان وموتها بفقده ( إنك لا تسمع الموتى ) [النمل : 80] ( وما أنت بمسمع من في القبور ) [فاطر : 22] وكما أن حياة البدن من الله فكذا الإيمان منه وبتوفيقه. وإضافة الإيمان إلى العبد إضافة الأثر إلى القابل وبذلك القبول يستأهل الثواب. والمؤمن لا يبقى مخلدا في النار ، فإن من شرفه الله تعالى بأعظم الأنعام لن يعاقبه بأشد الآلام ، فما الإنعام إلا بالإتمام. قيل : لو كان رعاية الأصلح على الله واجبا لم يكن ذلك إنعاما لأن أداء الواجب لا يسمى إنعاما. قلت : النزاع لفظي لأن الأصلح لا بد أن يصدر عنه ، ولا يليق بحكمته وكماله خلاف ذلك ثم ما شئت فسمه.

** الثاني عشر في فوائد قوله «غير المغضوب عليهم ولا الضالين».

** الأولى :

أو اعتقاد إلى طرف التفريط ومنهم اليهود ، والضالون هم المائلون إلى طرف الإفراط ومنهم النصارى. وإنما خص الأولون بالغضب عليهم لأن الغضب يلزمه البعد والطرد ، والمفرط في شيء هو المعرض عنه غير مجد بطائل فهو بعيد عن ذلك. وأما المفرط فقد أقبل عليه وجاوز حد الاعتدال ، فغاب عن المقصود ومني بالحرمان ( كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران ) [الأنعام : 71] فاليهود فرطوا في شأن نبي الله ولم يطيعوه وآذوه حتى قالوا بعد أن نجاهم الله من عدوهم ( يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ) [الأعراف : 138] ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) [البقرة : 55] ولهذا قال عز

Sayfa 112