فقطع عليه عامر الكلام قائلا: لم تخف وإنما الحياء غلب عليها. •••
كان عبيد الله بن زياد قد افتتن بسلمى للنظرة الأولى، ولم يبق له صبر على معرفة أمرها، ولكنه لم يجرؤ على ذلك والخليفة معه، فعزم بينه وبين نفسه على الإسراع في العودة وحده من الصيد بحيلة يخترعها ليزيد، لكي يعرج على الدير وحده ويبحث عن تلك الغادة الفتانة.
على أنه لم يتمالك عن سؤال الرئيس خلسة عن سكان تلك العلية، ولا تسل عن حال الرئيس عند ذلك السؤال بعد الذي سمعه من ضيفه الأبرص من أمر أولئك الضيوف وعلاقة ذلك بالخليفة، فلما سمع ابن زياد يسأله عنهم أوجس في نفسه خيفة، ولكنه تجلد وأجاب بسذاجة قائلا: إنهم يا مولاي رجل وابنته، وهم من أهل العراق نزلوا ضيوفا علينا، ثم فطن لعذر ظنه يرضي الخليفة فقال: ولا يخفى على مولاي أننا مكلفون باستضافتهم؛ لأنهم مسلمون، فأنزلناهم وقمنا بخدمتهم عملا بعهد الخليفة عمر بن الخطاب، وهو يقضي علينا بضيافة من ينزل علينا من المسلمين ثلاثة أيام.
فقال عبيد الله: حسنا فعلت، واطمأن قلبه إذ علم أنهم من المسلمين، ورجح أن تلك الحسناء عزبة، ولكي يتأكد من ذلك قال مغالطا: ألم تقل إن الثلاثة رجل وامرأته وابنه؟
قال: لا يا مولاي، إنهم رجل وابنه وابنته، والابنة عذراء.
فازداد اطمئنان عبيد الله، ولكنه خاف إذا طال غيابه أن تخرج سلمى من الدير فلا يعود يظفر بها فقال للرئيس: وهل تطول إقامتهم في هذا الدير؟
قال: لا أدري، ولكني أظنهم مسافرين قريبا إلى دمشق؛ لأنهم آتون في تجارة. قال: أوصيك باستبقائهم ريثما أعود، فقال: سمعا وطاعة.
ثم خرج يزيد بحاشيته من الدير والرئيس والرهبان يشيعونهم إلى البستان، حتى ركبوا وهم يدعون لهم بالسلامة. أما عبيد الله فخرج وقلبه مشتغل بسلمى، وهو يعد نفسه بالرجوع إليها عاجلا.
الفصل الخامس
الحب والانتقام
Bilinmeyen sayfa