فقال يزيد: خسئ محفر، والله ما ولدت أم محفر ألأم وأحمق منه. ثم قال: أين الرجل. ادخلوا به علي.
فأدخلوه عليه ورأس الحسين على كفه وقد تصاعدت ريحه، فأقبل الرجل حتى وضع الرأس بين يدي يزيد على البساط ومنظره ينفطر له القلب وقد تكمش جلده وتجعد شعره واختلطت رائحة الطيب بروائح الدم المتعفن، وتغير لون الشعر بما خالطه من الدم والتراب، فلما وقع نظر يزيد عليه اقشعر بدنه وتصور هول ذلك العمل الفظيع، وتذكر أنه يرى رأس ابن بنت الرسول فتخشع وتهيب.
وما كاد ينظر إلى الرأس حتى خرجت إليه من وراء الستار امرأة مقنعة هي إحدى نسائه، واسمها هند بنت عبد الله، فاستغرب القوم خروجها على تلك الحال وهم يزيد أن يسألها عن سبب خروجها فصاحت فيه وهي تشير بإصبعها إلى الرأس قائلة: يا أمير المؤمنين، أرأس الحسين بن علي وفاطمة بنت رسول الله؟
قال وهو يتلجلج بكلامه: نعم، فأعولي عليه والبسي الحداد على ابن بنت الرسول، عجل ابن زياد فقتله، قتله الله.
فأخذت في العويل والبكاء ثم أدخلوها إلى خدرها، وأذن يزيد للناس فدخلوا عليه والرأس بين يديه وهو ينظر إليه ومعه قضيب ينكت به ثغره ويقول: إن هذا وإيانا كما قال الحصين بن الحمام:
أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت
قواضب في أيماننا تقطر الدما
يفلقن هاما من رجال أعزة
علينا، وهم كانوا أعق وأظلما
وكان في جملة الحضور رجل من أصحاب الرسول اسمه أبو برزة الأسلمي، فلما رأى يزيد بنكت ثغر الحسين قال له: «أتنكت بقضيبك ثغر الحسين؟ أما والله لقد أخذ قضيبك في ثغره مأخذا لربما رأيت رسول الله
Bilinmeyen sayfa