وأما سلمى فنسيت قلقها على عبد الرحمن وعامر، وانشغلت بأمر الحسين وأهله، ولازمت زينب والطفل. أما زينب فإنها عهدت في أمر الطفل إلى سلمى واشتغلت بخدمة الباقين ولا سيما الغلام المريض؛ فإن الحمى عاودته.
وأشرفوا في الصباح على كربلاء وسلمى في الهودج، فرأت جند الكوفة قد ملئوا السهل وحالوا بينهم وبين الماء، فتطاولت بعنقها لعلها ترى الشيخ الناسك قادما لكي تستطلع منه حال عبد الرحمن بعدما سمعته من مسيره إلى الكوفة أو تستفيد منه شيئا يهم الحسين فلم تر أحدا.
أما الحسين وأهله فلما بلغوا كربلاء ضربوا خيامهم وجعلوا أخبية النساء إلى الوراء وخيام الرجال إلى الأمام.
وأما زينب فلم تشأ أن تترك أخاها وحده فسارت إلى فسطاطه، وتبعتها سلمى وهي لا تقل قلقا عنها، فإذا بالحسين جاث بباب خيمته يصلي، فصبرتا حتى فرغ من صلاته، فرأتا رجلا من جند الكوفة قادما عليه، فلما وصل إلى الحسين حياه، فقال له الحسين: «من الرجل؟»
قال: جئت برسالة من أمير هذا الجند عمر بن سعد. قال: «وما رسالتك؟»
قال: إنه يسأل ما الذي جاء بك؟ وماذا تريد؟
فقال له الحسين: «إن أهل مصركم هذا كتبوا إلي أن أقدم فقدمت، فأما إذ كرهتموني فأنا أنصرف عنكم. أو آتي يزيد بن معاوية فأضع يدي في يده.»
فلما سمعت سلمى قوله بكت لما توسمته في جوابه من دلائل الاستسلام.
الفصل الثامن عشر
التآمر على الحسين
Bilinmeyen sayfa