Endülüs'ün Geçmişi ve Günümüzü
غابر الأندلس وحاضرها
Türler
ولا عجب - وحال البلاد من ارتقاء الصنائع والزراعة وتعدين المناجم واتساع التجارة قد بلغ هذا الحد - وإن كانت جباياتها من حقوقها وغير واجبها إلى سنة 340ه نحو عشرين ألف ألف دينار، قال ابن حوقل: ولست أشك على ما يوجبه النظر، وتوطأ به الخبر، فيما جمعه الحكم بعد هلاك أبيه من خدمة والمصادرين الذين كانوا في جملته عن أسباب الأندلس ولوازمها وجباياتها وخراجها وأعشارها وصدقاتها وجواليها تمام أربعين ألف ألف دينار، وبلغ خراج الأندلس على عهد عبد الرحمن الثالث عدا ما كانت دولته تستوفيه عينا 6245000 دينار، وحكى ابن خلدون عن الثقات من مؤرخي الأندلس: أن عبد الرحمن الناصر خلف في بيوت أمواله خمسة آلاف ألف ألف ألف دينار، مكررة ثلاث مرات، يكون جملتها بالقناطير خمسمائة ألف قنطار، وكان هذا الملك يقسم الجباية أثلاثا؛ ثلث للجند، وثلث للبناء، وثلث مدخر، وكانت جباية الأندلس يومئذ من الكور والقرى خمسة آلاف ألف وأربعمائة ألف وثمانين ألف دينار، ومن الستوق
3
والمستخلص سبعمائة ألف وخمسة وستين دينارا، وأما أخماس الغنائم العظيمة فلا يحصيها ديوان، وانتهت جباية قرطبة أيام ابن أبي عامر إلى ثلاثة آلاف ألف دينار بالأنصاف.
كان للأندلسيين حذق باستخراج العلوم واستنباطها، من ذلك: أن عباس بن فرناس حكيم الأندلس صنع في بيته هيئة السماء، وخيل للناظر فيها النجوم والغيوم والبروق والرعود ، وهو الذي استنبط صناعة الزجاج من الحجارة، وأول من فك الموسيقى وصنع الآلة المعروفة بالمثقال (؟) ليعرف الأوقات على غير مثال، واحتال في تطيير جثمانه، وكسا نفسه الريش، ومد له جناحين، وطار في الجو مسافة بعيدة، ثم سقط؛ فهو أول من حاول الطيران من بني الإنسان.
وكان أهل قرطبة أول من عني بتبليط المدن، وكذلك إنارة الطرق في الليل عرفت لأول مرة في قرطبة أيضا، ولما ارتقت العلوم على عهد بني الأحمر في غرناطة اكتشفوا بل اخترعوا بارود المدافع، وعرف منذ ذاك العهد، ولا تزال مدافعهم التي دافعوا بها عن غرناطة محفوظة إلى اليوم في أحد متاحف إسبانيا.
وفي الأندلس: عرف الطبع؛ فكان أحد أبنائها هو السابق في مضمار هذا الاختراع الذي لم تنتفع الإنسانية بأفيد منه. فكانت لهم فيه طريقة لم ينته إلينا خبرها بالتفصيل؛ بل عرف إجمالا أن عبد الرحمن بن بدر من وزراء الناصر من أهل المائة الرابعة «كان ينفرد بالولايات فتكتب السجلات في داره، ثم يبعثها للطبع فتطبع، وتخرج إليه، فتبعث في العمال، وينفذون على يديه» فإذا كان هذا هو الطبع المعروف وما نظنه إلا هو، فيكون ابن المنذر بدر العربي قد سبق الألماني مخترع الطباعة بنحو أربعة قرون.
وذكروا أن ملوك غرناطة فرضوا جوائز للمخترعين؛ لينشطوهم، ويلقوا المنافسة بينهم، وربما ميزوهم بامتيازات خاصة على نحو ما فعل لويز الرابع عشر وكولبر في فرنسا، وعني الأندلسيون بتأليف رسائل يفهمها كل إنسان تكون معوانا على الانتفاع بالأعمال العامة، وهم أنشئوا دساتير سهلة التناول يتدارسها الصناع والعملة، فتفيدهم فيما هم بسبيله.
واخترع الأندلسيون الخطوط المخصوصة بهم، كما اخترعوا الموشحات التي استحسنها أهل المشرق، وصاروا ينزعون منزعها، وكانت طبقاتهم في نظمهم ونثرهم لا تخفى على بصير، ولم يكن يخلو بلد من كاتب بليغ وشاعر مفلق، بل «كان من مدنهم مثل شلب قل أن ترى من أهلها من لا يقول شعرا، ولا يعاني الأدب، ولو مررت بالفلاح خلف فدانه وسألته عن الشعر قرض من ساعته ما اقترحت عليه، وأي معنى طلبته منه» وخص أهل وادي آش بالأدب وحب الشعر، وعلل ذلك أحد العارفين بقوله: إن أهل الأندلس أشعر الناس؛ لما كثر الله تعالى في بلادهم، وجعله نصب أعينهم من الأشجار والأنهار والطيور والكئوس لا ينازعهم أحد في هذا الشأن.
وكانت للأندلسيين عناية بنقد الشعر لا يجوز عليهم ساقطه، ونبغ كثيرون منهم في هذا المعنى، وألفوا فيه التآليف الممتعة، وكانت لهم مدارس لتعليم القرآن والكتابة والحساب وتعلم العلوم على اختلاف ضروبها في الجوامع من غير نكير يعلمون الفلك والجغرافيا واللغة والطب والنحو ومبادئ الطبيعة والكيمياء والمواليد الثلاثة. ذكروا أنه كان في قرطبة ثمانون مدرسة عامة، وسكانها مليون نسمة، وأن الموحدين أنشئوا في الأندلس مدارس عامة ومدارس عليا، وأغدقوا إحسانهم على العلماء، يريدون أن يعيدوا إلى الأندلس بهاءها على عهد الأمويين وأن الحكم أنشأ في قرطبة سبعا وعشرين مدرسة اتخذ لها المؤدبين يعلمون أولاد الضعفاء والمساكين القرآن، وأجرى عليهم المرتبات، وعهد إليهم في الاجتهاد والنصح ابتغاء وجه الله العظيم، وفي ذلك يقول ابن شخيص:
وسماحة المسجد الأعلى مكللة
Bilinmeyen sayfa