Endülüs'ün Geçmişi ve Günümüzü
غابر الأندلس وحاضرها
Türler
1
رئيس جامعة لوزان في سويسرا سابقا إنني طوفت بلاد الأندلس، ورأيت آثارها الباقية من عهد العرب، فأعجبت بها كل الإعجاب، ومما شهدته السدود القائمة إلى اليوم في ولاية بلنسية، فإن أهل هذه الولاية من الإسبان اليوم يعيشون بفضل هندسة مهندسي العرب لهذه السدود، ولم يتيسر لمدينة القرن العشرين أن تقيم أرقى مما أنشأه أبناء جنسكم في القرون الوسطى، ولحسن الحظ لم يقو التعصب الديني الذي دك كثيرا من المعالم في أرض أندلس على نسف هذه السكور على وادي الأحمر وغيرها، وإلا هلك أهل ذاك الإقليم عطشا، ومن الأسف أن مدينة هذه بعض آثارها تذهب ولا من يبكيها، فقبح من قضوا عليها وأوصلوكم إلى ما عليه من الانحطاط.
جملة لا يزال صداها يتردد في أذننا منذ أن فاوهنا بها العالم السويسري من بضع سنين، وقد ذكرنا بالأمس عهد الأندلس وعهد عمرانه الزاهر وارتقائه الباهر. ذكرنا بالأمس أمة عربية أوروبية تشبه الغربيين في تصوراتها وآدابها وعلومها، ولكنها شرقية عربية مسلمة بإقامة شعائر دينها وأخلاقها وعاداتها، وقلنا: إننا معاشر العرب على كثرة عنايتنا أيام عزنا بتقييد علوم ديننا ولساننا ... وما إلى ذلك، لم نكن في العناية بالعلوم التي هي اليوم العلوم الحقيقية كالرياضيات والطبيعيات والكيمياء والفلسفة والطب والفلك دون ذلك بكثير، وإلا لما قامت مصانع الأندلس على النظام الذي يرى الناس أثره، ويعجبون به على اختلاف العصور، ولما أعجب الأستاذ روزيه اليوم بهندسة العرب لسدود بلنسية الباقية لعهدنا بعد انقراض دولة العرب من تلك البلاد زهاء أربعة قرون.
ولقد حدث الثقات أن الغربيين من المجاورين للأندلس كالفرنجة أي الفرنسيين والألمان، وسكان بررومية أي الطليان، وكانوا أمثل الإفرنج مدنية لذاك العهد لم يكونوا إلا دون جيرانهم عرب الأندلس في العلم وأعمال العمران والصناعات والزراعة، ولولا علماء الكيمياء والهندسة والنبات والطب من العرب لتأخرت المدنية في أوروبا زمنا طويلا.
ولذلك كانت الأندلس في عهد العرب كعبة العلم يحج إليها أذكياء الطلاب من فرنسا وإيطاليا وغيرهما، كما يحج اليوم طلاب العلم إلى كليات فرنسا وألمانيا وإنكلترا والبلجيك وسويسرا وهولاندا.
أخذ عشرات من الإفرنج العلوم عن عرب الأندلس، وترجموها باللاتينية، ومنها ما فقد أصله العربي اليوم، وبقيت ترجمته فقط،
2
وأن العلوم التي تلقاها جربرت الذي أصبح بابا رومية باسم سلفستر الثاني عن عرب الأندلس كانت موضع إعجاب معاصريه حتى اتهموه بالسحر.
كانت الأندلس قبل تغلب بني أمية عليها سنة 92ه خالية من العلم لم يشتهر عند أهلها أحد بالاعتناء به إلا أنه يوجد فيها طلسمات قديمة في مواضع مختلفة وقع الإجماع على أنها من عمل ملوك رومية؛ إذ كانت الأندلس منتظمة بمملكتهم، ولما استقر الأمر لبني أمية عني جماعة من أهلها بطلب الفلسفة، ونالوا أجزاء كثيرة منها، وفي أيام الأمير الخامس من بني أمية وهو محمد بن عبد الرحمن، أي في أواسط المائة الثالثة، تحرك أفراد من الناس إلى طلب العلوم، أي غير علوم الشريعة واللغة، ولم يزالوا يظهرون ظهورا غير شائع إلى قريب وسط المائة الرابعة.
ذلك لأن رجال الدين كانوا أصحاب صولة وتأثير في النفوس، ومن عادة من جهل شيئا أن يعاديه، فتوهم بعضهم أن هذه العلوم الدنيوية مدرجة إلى الزهد في العلوم الأخروية، فكانوا يشددون النكير على من يتعاطونها، ولكن أكثر ملوك بني أمية ومن بعدهم من ملوك الأندلس كانوا أعقل من أن يطاوعوهم في النيل ممن يريدون الإيقاع بهم؛ لمخالفتهم لهم في العلوم التي يمتون بها.
Bilinmeyen sayfa