339

روضة العابدين

روضة العابدين

Yayıncı

مكتبة الجيل الجديد

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

Yayın Yeri

صنعاء - اليمن

Türler

تبالي" (^١).
لم تكن الدنيا لدى الموفّقين كبيرة ولا عظيمة؛ حتى انشغلوا بها ونسوا الآخرة، بل كانت لديهم حقيرة صغيرة لا تستحق الانشغال بها.
قال الحسن البصري: " ولقد رأيت أقوامًا كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه، ولقد رأيت أقوامًا يمسي أحدهم وما يجد عنده إلا قوتًا فيقول: لا أجعل هذا كله في بطني، لأجعلن بعضه لله ﷿، فيتصدق ببعضه، وإن كان هو أحوج ممن يتصدق به عليه! " (^٢).
إن نور التوفيق جعل محبِّي الآخرة ينظرون إلى الدنيا بعين بصيرتهم المشرقة فأبصروها فانية، ذات لذات زائلة، فتركوا الركون إليها، والانكباب عليها؛ خشية الخسران في الآخرة.
قال الشاعر:
إنِّي رَأَيْتُ عَوَاقِبَ الدُّنْيَا … فَتَرَكْتُ مَا أَهْوَى لِمَا أَخْشَى
فَكَّرْتُ فِي الدُّنْيَا وَعَالَمِهَا … فَإِذَا جَمِيعُ أُمُورِهَا تَفْنَى
وَبَلَوْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا فَإِذَا … كُلُّ امْرِئٍ فِي شَأْنِهِ يَسْعَى
أَسْنَى مَنَازِلِهَا وَأَرْفَعُهَا … فِي الْعِزِّ أَقْرَبُهَا مِنْ الْمَهْوَى
تَعْفُو مَسَاوِيهَا مَحَاسِنَهَا … لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّعْيِ وَالْبُشْرَى
وَلَقَدْ مَرَرْتُ عَلَى الْقُبُورِ فَمَا … مَيَّزْتُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى (^٣).

(^١) التذكرة في الوعظ، للقرشي (ص: ٥٢).
(^٢) حلية الأولياء، لأبي نعيم (٢/ ١٣٤).
(^٣) أدب الدنيا والدين، للماوردي (ص: ٣٧٢).

1 / 343