روضة العابدين
روضة العابدين
Yayıncı
مكتبة الجيل الجديد
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Yayın Yeri
صنعاء - اليمن
Türler
العبادة والواقع:
إن الحياة المادية المعاصرة طافحة بمظاهر الغفلة، وأسباب اللهو، ووسائل البعد عن العبادة، ومصايد الجذب إلى مهاوي الانحراف، والعزوف عن كثرة القربات.
"فقد طغت موجة من الماديات على قلوب المسلمين قطعت صلتهم بالله وتعلقهم به، فابتعدوا عن كل مظاهر العبودية والالتجاء الصادق إلى الله، حتى وصلوا إلى ما نراه من حيرة وقلق واضطراب" (^١).
لقد انصرف كثير من الناس إلى الانشغال بالدنيا عن الآخرة؛ فصار الهم الأكبر إن لم يكن كل الهم هو الوصول إلى سعادة العيش الدنيوي البحت بأي وسيلة: حلالًا كانت أم حرامًا، فانصرف بعض الناس إلى طلب المال من تجارة أو وظائف أو أعمال أخرى فصارت هي معبوده الذي لا يفكر معه بمعبوده الذي خلقه.
قال النبي ﷺ: (تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، إن أُعطي رضي وإن لم يعط لم يرض) (^٢). " أراد بعبد الدينار والدرهم: من استعبدته الدنيا يطلبها وصار كالعبد لها تتصرف فيه تصرف المالك؛ لينالها وينغمس في شهواتها ومطالبها" (^٣)، "وصار عمله كله في طلب الدينار والدرهم كالعبادة لهما" (^٤). ومن الناس من انصرف إلى الجاه والشهرة فغدا ذلك هو شغله الشاغل حتى لها به عن العبادة، وباع لأجله دينه، وأفسد به في الأرض، قال رسول الله ﷺ: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص الرجل على المال والشرف لدينه) (^٥). " فمقصود
_________
(^١) منهج شيخ الإسلام في العبادة والتزكية، عبدالله الحيالي (ص: ١).
(^٢) رواه البخاري (٣/ ١٠٥٧).
(^٣) سبل السلام، لابن الأمير الصنعاني (٧/ ١٠٣).
(^٤) شرح صحيح البخاري - لابن بطال (٥/ ٨٣).
(^٥) رواه الترمذي (٤/ ٥٨٨)، وابن حبان (٨/ ٢٤)، وهو صحيح.
1 / 17