Mekke Fetihleri
الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
Yayıncı
دار إحياء التراث العربي
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
1418هـ- 1998م
Yayın Yeri
لبنان
وأما مرتبة العالم الذي بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم وهم أهل الفترة فمنهم من وحد الله بما تجلى لقلبه عند فكره وهو صاحب الدليل فهو على نور من ربه ممتزج بكون من أجل فكره فهذا يبعث أمة وحده كقس بن ساعدة وأمثاله فإنه ذكر في خطبته ما يدل على ذلك فإنه ذكر المخلوقات واعتباره فيها وهذا هو الفكر ومنهم من وحد الله بنور وجده في قلبه لا يقدر على دفعه من غير فكرة ولا روية ولا نظر ولا استدلال فهم على نور من ربهم خالص غير ممتزج بكون فهؤلاء يحشرون أحفياء أبرياء ومنهم من ألقى في نفسه وأطلع من كشفه لشدة نوره وصفاء سره لخلوص يقينه على منزلة محمد صلى الله عليه وسلم وسيادته وعموم رسالته باطنا من زمان آدم إلى وقت هذا المكاشف فآمن به في عالم الغيب على شهادة منه وبينة من ربه وهو قوله تعالى ' أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ' يشهد له في قلبه بصدق ما كوشف به فهذا يحشر يوم القيامة في ضغائن خلقه وفي باطنية محمد صلى الله عليه وسلم ومنهم من تبع ملة حق ممن تقدمه كمن تهود أو تنصر أو اتبع ملة إبراهيم أو من كان من الأنبياء لما علم واعلم أنهم رسل من عند الله يدعون إلى الحق لطائفة مخصوصة تتبعهم وآمن بهم وسلك سننهم فحرم على نفسه ما حرمه ذلك الرسول وتعبد نفسه مع الله بشريعته وإن كان ذلك ليس بواجب عليه إذ لم يكن ذلك الرسول مبعوثا إليه فهذا يحشر مع من تبعه يوم القيامة ويتميز في زمرته في ظاهريته إذ كان شرع ذلك النبي قد تقرر في الظاهر ومنهم من طالع في كتب الأنبياء شرف محمد صلى الله عليه وسلم ودينه وتواب من اتبعه فآمن به وصدق على علم وإن لم يدخل في شرع نبي ممن تقدم وأتى مكارم الأخلاق فهذا أيضا يحشر في المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم لا في العاملين ولكن في ظاهريته صلى الله عليه وسلم ومنهم من آمن بنبيه وأدرك نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فآمن به فله أجران وهؤلاء كلهم سعداء عند الله ومنهم من عطل فلم يقر بوجود عن نظر قاصر ذلك القصور هو بالنظر إليه غاية قوته لضعف في مزاجه عن قوة غيره ومنهم من عطل لا عن نظر بل عن تقليد فذلك شقي مطلق ومنهم من أشرك عن نظر أخطأ فيه طريق الحق مع بذل المجهود الذي تعطيه قوته ومنهم من أشرك لا عن استقصاء نظر فذلك شقي ومنهم من أشرك عن تقليد فذلك شقي ومنهم من عطل بعدما أثبت عن نظر بلغ فيه أقصى القوة التي هو عليها لضعفها ومنهم من عطل بعدما أثبت لا عن استقصاء في النظر أو تقليد فذلك شقي فهذه كلها مراتب أهل الفترة الذين ذكرناهم في هذا الباب .
الباب الحادي عشر في معرفة آبائنا العلويات وآمهاتنا السفليات
أنا ابن آباء أرواح مطهرة . . . وأمهات نفوس عنصريات
ما بين روح وجسم كان مظهرنا . . . عن اجتماع بتعنيق ولذات
ما كنت عن واحد حتى أوحده . . . بل عن جماعة آباء وأمات
هم للإله إذا حققت شأنهمو . . . كصانع صنع الأشياء بآلات
فنسبة الصنع للنجار ليس لها . . . كذاك أوجدنا رب البريات
فيصدق الشخص في توحيد موجده . . . ويصدق الشخص في إثبات علات
فإن نظرت إلى الآلات طال بنا . . . إسناد عوعنة حتى إلى الذات
وإن نظرت إليه وهو يوجدنا . . . قلنا بوحدته لا بالجماعات
Sayfa 190