174

وقد أظفرهم الله بهم في غير موطن من مواطنهم حتى لم يتركوا لهم أرضا إلا وأخذوها واحتووا عليها وصارت في أيديهم، وإني أخاف أن يكونوا أساءوا الرأي وجاءوا بالعجز وجردوا[ (1) ]عليهم عدوهم، فقال له سفيان بن عوف: يا أمير المؤمنين!إن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، إن صاحب الروم قد جمع لنا جموعا لم يجمعها أحد كان قبله لأحد كان قبلنا، ولقد حدثنا بعض عيوننا أن عسكرا واحدا من عسكرهم نزل في موضع من البرية وقد هبطوا من ثنية من أول النهار فما تكاملوا في موضع حتى أمسوا وذهب أول الليل، وهذا عسكر واحد من عساكرهم فما ظنك بباقيهم يا أمير المؤمنين[ (2) ]![قال: فقلت]ولكن أشدد أعضاد المسلمين بمدد من عندك قبل الوقعة، فإني أظن أن هذه الوقعة هي الفصل بيننا وبينهم، فإن أظفرنا الله عز وجل بهم هذه المرة فقد هلكت الروم هلاك عاد وثمود. فقال عمر رضي الله عنه: أبشر يا سفيان بما يسرك الله به وجميع المسلمين واعلمأن عامر بن حذيم[ (3) ]قادم عليهم بالمدد سريعا إن شاء الله ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ذكر كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح

أما بعد[ (4) ]فقد بلغني خروجك من أرض حمص وترككم بلادا فتحها الله عز وجل عليكم، فكرهت هذا من رأيكم وفعلكم، غير أني سألت رسولكم عن ذلك فذكر أن ذلك كان من رأي خياركم وذوي النهي منكم، فعلمت أن الله تبارك وتعالى لم يكن بالذي يجمع آراءكم إلا على توفيق وصواب، وقد سألني المدد فأجبته إلى ذلك ولن تقرأ كتابي هذا حتى يأتيكم المدد، وكل ما تحبون مما فيه قوتكم إن شاء الله عز وجل، غير أني أعلمكم أنه ليس بالجمع الكثير والجيش الكثيف تهزم الجموع وينزل النصر، وربما أخذل الله عز وجل الجموع الكثيرة فهزمت وفلت فلم تغن عنهم كثرتهم شيئا، وربما نصر الله عز وجل العصابة القليلة عددها وعددها وأظفرهم [ (1) ]في الأزدي: وجرأوا.

[ (2) ]زيد عند الأزدي : فقال: لو لا أني ربما كرهت الرأي من رأيهم، والشيء من أمرهم، فأرى الله يخير لهم في عاقبة ذلك لكان هذا الرأي منهم أنا له كاره.

ثم قال لي: أخبرني، أجمع رأي جميعهم على التحويل؟ قال: الحمد لله على ذلك، فإني أرجوا أن يكون الله جمع رأيهم على الخير إن شاء الله.

[ (3) ]عند الأزدي: سعيد بن عامر بن حذيم.

[ (4) ]فتوح الأزدي ص 159 والوثائق السياسية وثيقة رقم 353/ص باختلاف بين النصوص.

Sayfa 178