Mısır ve Magrib'in Fethi
فتوح مصر والمغرب
Yayıncı
مكتبة الثقافة الدينية
إنما رغبتنا وهمّتنا الجهاد فى الله واتباع رضوانه، وليس غزونا عدوّنا ممّن حارب الله لرغبة فى دنيا، ولا طلبا للاستكثار منها؛ إلا أن الله قد أحلّ ذلك لنا، وجعل ما غنمنا من ذلك حلالا، وما يبالى أحدنا أكان له قنطار من ذهب، أم كان لا يملك إلّا درهما! لأن غاية أحدنا من الدنيا أكلة يأكلها يسدّ بها جوعته لليله ونهاره، وشملة يلتحفها، فإن كان أحدنا لا يملك إلا ذلك كفاه، وإن كان له قنطار من ذهب أنفقه فى طاعة الله واقتصر على هذا الذي بيده ويبلغه ما كان فى الدنيا، لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم ورخاءها ليس برخاء، إنما النعيم والرخاء فى الآخرة، وبذلك أمرنا ربنا، وأمرنا به نبيّنا، وعهد إلينا ألا تكون همّة أحدنا من الدنيا إلا ما يمسك جوعته، ويستر عورته، وتكون همّته وشغله فى رضا ربّه وجهاد عدوّه.
فلما سمع المقوقس ذلك منه، قال لمن حوله: هل سمعتم مثل كلام هذا الرجل قطّ! لقد هبت منظره، وإنّ قوله لأهيب عندى من منظره؛ إنّ هذا وأصحابه أخرجهم الله لخراب الأرض ما أظنّ ملكهم إلا سيغلب على الأرض «١» كلّها.
ثم أقبل المقوقس على عبادة بن الصامت، فقال: أيّها الرجل الصالح، قد سمعت مقالتك، وما ذكرت عنك وعن أصحابك، ولعمرى ما بلغتم ما بلغتم إلا بما ذكرت، وما ظهرتم على من ظهرتم عليه إلا لحبّهم الدنيا ورغبتهم فيها، وقد توجّه إلينا لقتالكم من جمع الروم ما لا يحصى عدده قوم معروفون بالنجدة والشدّة، ما يبالى أحدهم من لقى، ولا من قاتل، وإنّا لنعلم أنكم لن تقووا عليهم، ولن تطيقوهم لضعفكم وقلّتكم، وقد أقمتم بين أظهرنا أشهرا، وأنتم فى ضيق وشدّة من معاشكم وحالكم، ونحن نرقّ عليكم لضعفكم وقلّتكم وقلّة ما بأيديكم؛ ونحن تطيب أنفسنا أن نصالحكم على أن نفرض لكلّ رجل منكم دينارين دينارين؛ ولأميركم مائة دينار، ولخليفتكم ألف دينار، فتقبضونها وتنصرفون إلى بلادكم قبل أن يغشاكم ما لا قوام لكم به*) .
«٢» فقال عبادة بن الصامت: يا هذا؛ لا تغرنّ نفسك ولا أصحابك، أمّا ما تخوّفنا به من جمع الروم وعددهم وكثرتهم، وأنّا لا نقوى عليهم فلعمرى ما هذا بالذى تخوّفنا
1 / 89