والعرش وسع كل شيء ، والمستوي (1) الرحمن . فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما (2) بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي (3) الفتوح المكي . وقد جعل الطيب - تعالى (4) - في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات ، والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ، أولئك مبرءون مما يقولون " . فجعل روائحهم طيبة : لأن القول نفس ، وهو عين الرائحة فيخرج (106 -1) بالطيب والخبيث (5) على حسب ما يظهر به في صورة النطق . فمن حيث هو إلهي بالأصالة (6) كله طيب: فهو طيب؛ ومن حيث ما يحمد ويذم فهو طب وخبيث . فقال في خبث الثوم هي شجرة (7) أكره ريحها ولم يقل أكرهها . فالعين لا تكره ، وإنما يكره ما يظهر منها . والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة (8) طبع أو غرض أو شرع ، أو نقص عن كمال مطلوب وما ثم غير ما ذكرناه . ولما انقسم الأمر الى خبيث وطيب كما قررناه ، حبب إليه الطيب دون الخبيث ووصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن(9) ، فإنه مخلوق من صلصال من حمأ مسنون أي متغير الريح . فتكرهه الملائكة بالذات، كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي من الروائح الطيبة . فليس الورد(10) عند الجعل بريح طيبة . ومن كان على مثل هذا المزاج معنى وصورة أضر به الحق إذا سمعه وسر بالباطل:وهو قوله"والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله"؛ ووصفهم بالخسران فقال"إولئك هم الخاسرون الذين خسروا أنفسهم" . فإن من لم يدرك الطيب
Sayfa 221