كان جلال يملي وحسام يكتب، وكانا أحيانا يقطعان الليل كله إنشاء وكتابة. تدل على هذا الروايات وفصول من المثنوي نفسه.
فمكانة حسام الدين من المثنوي تشبه بعض الشبه مكانة شمس الدين التبريزي في الديوان.
وانظر ماذا يقول في مقدمة الجزء الأول في صفة حسام الدين ومكانته عنده.
المثنوي
قسم جلال الدين كتابه الذي سماه المثنوي ستة أقسام، وصدر كل قسم بمقدمة منثورة قصيرة، من هذه المقدمات الست ثلاث عربية هي مقدمات الأجزاء الأول والثالث والرابع، والأخريات فارسية.
فأما مقدمة الجزء الأول، وهي مقدمة الكتاب كله، فقد وصف فيها كتابه وبالغ في الإشادة به، ثم بين دعوة صديقه حسام الدين إياه إلى نظم الكتاب، وأشاد بحسام الدين وبيته.
ونثبت هنا شذرات من قوله في كتابه، ليتبين اعتداده به ومغالاته فيه، بدأ الكتاب بقوله: «هذا كتاب المثنوي، وهو أصول أصول أصول الدين في كشف أسرار الوصول واليقين، وهو فقه الله الأكبر، وشرع الله الأزهر، وبرهان الله الأظهر، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح، يشرق إشراقا أنور من الإصباح، وهو جنان الجنان، ذوات العيون والأغصان، منها عين تسمى عند أبناء هذا السبيل سلسبيلا، وعند أصحاب المقامات والكرامات خير مقاما وأحسن مقيلا. الأبرار فيه يأكلون ويشربون، والأحرار منه يفرحون ويطربون، وهو كنيل مصر شراب للصابرين، وحسرة على آل فرعون والكافرين، كما قال الله تعالى:
يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين . وإنه شفاء الصدور، وجلاء الأحزان، وكشاف القرآن، وسعة الأرزاق، وتطييب الأخلاق بأيدي سفرة كرام بررة، يمنعون بألا يمسه إلا المطهرون، تنزيل من رب العالمين
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والله يرصده ويرقبه، وهو خير حافظا وهو أرحم الراحمين، وله ألقاب أخر لقبه الله تعالى بها، واقتصرنا على هذا القليل، والقليل يدل على الكثير، والجرعة تدل على الغدير، والحفنة تدل على البيدر الكبير.»
وأما المقدمات الأخر فبعضها وصف للكتاب، ونصيحة للطلاب. وقد بين في مقدمة الجزء الثاني الحكمة في تأخير نظمه بعد الفراغ من الجزء الأول، وفي مقدمة الجزء الخامس بين الفرق بين الشريعة والطريقة والحقيقة.
Bilinmeyen sayfa