تعدد فيه هناك وحيث لم يثبت القسم المذكور كان الامر بالقياس إليه سهلا ثم اعلم أن اللفظ الموضوع إن عين من حيث الخصوصية فالوضع شخصي وهذا ظاهر وإلا فنوعي ومنه وضع أكثر صيغ المشتقات فإن التحقيق أن منها ما هو موضوع بالوضع الشخصي من الماضي والمضارع المجردين فإن اختلاف هيئاتهما في المواد المختلفة مع عدم قدر جامع بين ما اتفق منها فيها يوجب كونهما موضوعين بالوضع الشخصي وكون أفعال السجايا موضوعة على الضم على تقدير ثبوت الاطراد فيها لا يجدي في غيرها وغاية ما في الباب أن يقال عين الواضع مصادر كل باب ووضع كل واحد من كل جملة بهيئة معينة أو وضع كل هيئة معينة طارئة على كل واحد من آحاد كل جملة بإزاء معان معينة فلو سمي مثل ذلك وضعا نوعيا فلا مشاحة ومنها ما هو موضوع بالوضع النوعي كسائر صيغ الماضي و المضارع وجملة صيغ الامر واسم الفاعل والمفعول فإن التحقيق أن الواضع لاحظ كل نوع منها مما له قدر جامع بعنوان كلي وهو ذلك القدر الجامع ووضع كل واحد من خصوصياتها الملحوظة تفصيلا أو إجمالا على ما مر بإزاء معانيها المعهودة وعلى هذا فالمشتقات تدل على معانيها من الحدث والزمان والنسبة وغيرهما بوضع واحد شخصي أو نوعي هذا ما يساعد عليه التحقيق والمعروف بينهم أن مواد المشتقات أعني حروفها الأصلية موضوعة بالوضع الشخصي لمعانيها الحدثية وهيئاتها موضوعة بالوضع النوعي للمعاني الزائدة عليها من الزمان والنسبة أو غيرها بمعنى أنها موضوعة كذلك في كل مادة للمعنى اللاحق لمعناها من حيث الخصوصية ويشكل بأنهم إن أرادوا أن المواد موضوعة بوضع المصادر فمتضح الفساد لان هيئات المصادر معتبرة في وضعها لمعانيها قطعا وإن أرادوا أنها موضوعة للمعاني الحدثية بوضع آخر مشروط باقترانها بإحدى الهيئات المعتبرة لئلا يلزم جواز استعمالها بدونها فبعد بعده جدا كما لا يخفى على الأنظار السليمة مما لم نقف لهم فيه على دليل وغاية ما في الباب أن يقال لما كان كل من ألفاظ معاني المشتقات ومعانيها يشتمل على جزين يدور ثبوت كل جز من جزئي المعنى مدار ثبوت جز من جزئي اللفظ حصل هناك قدران مشتركان لفظا وقدران مشتركان معنى فالأولى أن يكون كل قدر مشترك من اللفظ موضوعا بإزاء كل قدر مشترك من المعنى وأنه لا بد في فهم معاني المشتقات من ملاحظة كل من المادة والهيئة وتعيينهما لينتقل من ملاحظة المادة إلى بعض المعنى ومن ملاحظة الهيئة إلى بعض آخر ولهذا قد يعرف إحداهما وينكر الأخرى فينتقل إلى أحد جزئي المعنى دون الاخر فلو كان المجموع موضوعا بوضع واحد لما حصل التفكيك في الفهم وكلا الوجهين ضعيف أما الأول فلان الأولوية المذكورة على تقدير ثبوتها ترجع إلى مجرد الاستحسان و هو لا ينهض حجة في مباحث الألفاظ ولا يصلح لمعارضة ما قدمناه من الاستبعاد وأما الثاني فلان تعيين كل من المادة والهيئة كما لا بد منه على الوجه الثاني لكونه تعيينا للموضوع كذلك لا بد منه على الوجه أيضا لكونه تعيينا لحدود الموضوع ولا نسلم أن فهم بعض المعنى يستند إلى جز اللفظ بل إلى كله لكن لا خفاء في أنا إذا علمنا أن صيغة معينة موضوعة بإزاء ما دل عليه مصدرها مع أمر آخر يشاركها فيه صيغة أخرى لا جرم ننتقل بالعلم بأحد الامرين إلى بعض المعنى وليس ذلك انتقالا من بعض اللفظ إلى بعض المعنى بل من كل اللفظ إلى بعض المعنى ومن هنا يتبين أيضا دفع ما عساه أن يستند إليه من أن كلا من جزئي المعنى يتبادر من كل من جزئي اللفظ و ذلك آية كونه موضوعا له وحقيقة فيه ووجه الدفع أنه إنما يتبادر من مجموع اللفظ الموضوع ولو بتعيين بعض حدوده بعض المعنى من حيث كونه في ضمن الكل الملحوظ ولو إجمالا وليس في ذلك شهادة على تعدد الوضع بل على وحدته وعلى هذا ينزل كلامنا حيث نتمسك بأن المتبادر من الهيئة كذا أو من المادة كذا هذا وربما أمكن أن يقال إن المشتقات وإن وضعت بموادها وهيئاتها بوضع واحد إلا أن قضية مشاركتهما فيما مر يوجب انحلال وضعها إلى وضعين وإن لم يتعلق قصد الواضع به ولا يخفى ما فيه من التعسف فصل هل الألفاظ موضوعة بإزاء معانيها من حيث هي أو من حيث كونها مرادة للافظها وجهان يدل على الأول بعد مساعدة التبادر عليه أمران الأول إطلاقهم بأن الوضع تعيين اللفظ للدلالة على المعنى من غير اعتبار حيثية و يمكن دفعه بأن الحيثية المذكورة إن اعتبرت داخلة في المعنى فاعتباره يغني عن اعتبارها لأنها حينئذ جزؤه وإن اعتبرت خارجة عنه فلا بد حينئذ من اعتباره مقيدا بها كما يدل عليه ظاهر معناه الأصلي فلا يصدق على المجرد عنها فلا حاجة إلى التصريح بالقيد الثاني أن الحيثية المذكورة أمر زائد على المعنى فالأصل عدم اعتبارها في الوضع ويضعفه أن الأصل المذكور من الأصول المثبتة ولا تعويل عليها حيث لا يساعدها دليل كما في أصالة عدم النقل ونحوه ويدل على الثاني تبادر المعاني منها عند الاستعمال من حيث كونها مرادة فتكون موضوعة لها بهذا الاعتبار مع أن الغرض من الوضع إنما هو إفادة المداليل واستفادتها بهذه الحيثية فلا بد من اعتبارها في الوضع لئلا ينتفي الغرض فيلغو الوضع ويمكن دفع هذين الوجهين بأن تبادر كون المعنى مرادا مستندا إلى ما هو الظاهر من الغرض الداعي إلى الاستعمال كتبادر اتباع الواضع بدليل تبادر المعنى وحده عند تجريد النظر عن ذلك وحينئذ فلا يلزم من عدم اعتبارها في الوضع عراؤه عن الفائدة على أنه يلزم على تقدير أن تكون الحيثية داخلة في المعنى أن يكون كل لفظ متضمنا معنى حرفيا وهو بعيد عن الاعتبار ثم إن قلنا بأنها موضوعة للمعاني من حيث كونها مرادة سواء اعتبرناها شرطا أو شطرا اتجه أن لا يكون للألفاظ معان حقيقية عند عدم إرادتها ضرورة أن الكل عدم عند عدم جزئه و المقيد من حيث كونه مقيدا عدم عند عدم قيده والظاهر أن ما حكي عن الشيخ الرئيس والمحقق الطوسي من مصيرهما إلى أن الدلالة
Sayfa 17