Usulde Bölümler

Al-Jassas d. 370 AH
103

Usulde Bölümler

الفصول في الأصول

Yayıncı

وزارة الأوقاف الكويتية

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

١٤١٤هـ - ١٩٩٤م

قُبْحٍ، وَإِنَّمَا يُعْلَمُ حُكْمُهُ بِالسَّمْعِ مِنْ جِهَةِ الْعَالِمِ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَبِمَا يَكُونُ مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ حَسَنًا أَوْ قَبِيحًا، ثُمَّ لَا يَخْلُو السَّمْعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَارِدًا بِالْبَابَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا الِانْقِلَابُ وَالتَّغَيُّرُ) فَغَيْرُ جَائِزٍ نَسْخُ مَا كَانَ هَذَا سَبِيلُهُ بِوَجْهٍ، وَلَا وُرُودُ السَّمْعِ بِخِلَافِهِ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ: فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ السَّمْعُ حَاكِمًا بِحَظْرِهِ أَوْ إبَاحَتِهِ أَوْ إيجَابِهِ، وَعَلَى أَيِّ هَذِهِ الْوُجُوهِ كَانَ وُرُودُهُ فَهُوَ مِمَّا جَوَّزَهُ الْعَقْلُ وَحَسَّنَهُ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ الْعَقْلُ بِزَوَالِهِ وَارْتِفَاعِهِ. وَقَدْ قُلْنَا: إنَّ مَا كَانَ هَذَا سَبِيلَهُ فَإِنَّمَا حَظُّ الْعَقْلِ فِيهِ تَجْوِيزُ وُرُودِ السَّمْعِ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بَعْدَ وُرُودِ السَّمْعِ فِيهِ بِخِلَافِهِ. وَأَيْضًا: فَإِنَّ النَّسْخَ إنَّمَا هُوَ تَوْقِيتُ مُدَّةِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي تَقْدِيرِنَا وَتَوَهُّمِنَا بَقَاؤُهُ وَلَا حَظَّ لِلْعَقْلِ فِي تَوْقِيتِ مُدَّةِ الْفَرْضِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِعِلَلِ الْمَصَالِحِ، (وَعِلَلُ الْمَصَالِحِ) لَا تُعْلَمُ أَعْيَانُهَا مِنْ طَرِيقِ الْعَقْلِ. وَأَيْضًا: فَلَوْ جَازَ ذَلِكَ فِيهِ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْلُ بَدْءًا مُوجِبًا لِلْحُكْمِ النَّاسِخِ قَبْلَ وُرُودِ السَّمْعِ فِيهِ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ فِي ذَلِكَ فَامْتَنَعَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ جَوَازُ نَسْخِ السَّمْعِ بِالْعَقْلِ. وَأَمَّا التَّخْصِيصُ بِالْعَقْلِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ دَلَالَةَ الْعَقْلِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّخْصِيصِ هِيَ مَا كَانَ وَاقِعًا مِنْهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ اللَّذَيْنِ يَجْرِيَانِ فِي حُكْمِ الْعَقْلِ عَلَى شَاكِلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّفْظِ بَعْضُ مَا شَمِلَهُ الِاسْمُ. وَلِذَلِكَ يَجُوزُ فِي الْأَلْفَاظِ وَلَا يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي دَلَالَةِ الْعَقْلِ، لِأَنَّ دَلَائِلَ الْعَقْلِ لَا يَجُوزُ فِيهَا التَّخْصِيصُ وَكَذَلِكَ صَارَ الْعَقْلُ قَاضِيًا عَلَى السَّمْعِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْضِيَ السَّمْعُ عَلَى الْعَقْلِ.

1 / 150