الفروق الفقهية
تأليف
أبي الفضل مسلم بن علي الدمشقي (المتوفى في القرن الخامس الهجري)
دراسة وتحقيق
محمد أبو الأجفان - حمزة أبو فارس
Bilinmeyen sayfa
دار الحكمة
للطباعة والتوزيع والنشر
الهضبة الخضراء - تقسيم ابن خلدون
الطبعه الأولى، ٢٠٠٧ م
1 / 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة الطبعة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين لقد كان من ثمرات جهودنا العلمية نشر الفروق الفقهية لأبي الفضل مسلم الدمشقي في طبعته الأولى سنة ١٩٩٢.
واعتبرنا هذه الفروق من أطيب ثمار بستان علوم الفقه وكانت بهجتنا بصدوره غامرة، فهي من عطاء عالم من العلماء الذين لم تكتب لهم الشهرة، عالم استفاد كثيرًا من أبرز أعلام المدرسة المالكية بالعراق القاضي عبد الوهاب البغدادي، وهي تنتمي إلى فن مهم من فنون الفقه الإسلامي توسع وأثري بفضل جهود أعلام الفقه، وتحقيقهم وبحثهم، ونظرهم في علل الأحكام، هو فن يسعد به من تقدم في دراسة الفروع الفقهية وحصلت له ملكة، فن يكون رافدًا من روافد نهر علم مقاصد الشريعة.
وفي الدراسة التي قدمنا بها لتحقيق الطبعة الأولى من فروق الدمشقي نبذة عن أهمية الفروق الفقهية تجلي فوائدها، نأمل أن يكون لنا بها إسهام علمي في بيان أهمية الفروق الفقهية، وتطور التأليف فيها.
وفروق الدمشقي بعد ظهور طبعتها الأولى، عرفت بهذا العالم المغمور، وأبرزت منهجه في كتابه، وأفادت بمجموعة من الفروق الجارية على أحكام مذهبه المالكي سواء كانت موضوع قلمه أو من جمعه ونقله، مع ترتيبه
1 / 3
وتنسيقه، وموافقته على أحكامها واستنتاخه واجتهاده، وهو ما عهدناه في التصنيف الفقهي قديمًا لدى علماء مختلف المذاهب التشريعية.
لقيت تلك الطبعة من طلبة الفقه ورواد الثقافة الإسلامية من الإقبال ما أتاح لنا البهجة وما أثلج منا الصدر، فسرعان ما نفذت نسخها، وتساءل الكثير من طلبتنا عن الطريقة للحصول على نسخ من الكتاب، فلم يكن بدء من إعادة الطبع تلبية للرغبات، وكان الناشر للطبعة الأولى منصرفًا إلى الكتب ذات الحجم الكبير مهتمًا بتوفير الموضوعات التي يعجز الكثير من الناشرين عن طبعها، أعانه الله وزادهُ من الفضل والتوفيق.
وها هي الفرصة تتاح من جديد للدمشقي ولنا ولقراء الفقه المالكي ظهور طبعة ثانية، بفضل اهتمام وعناية الأستاذ عبد الله القاضي صاحب الفضل في خدمة تراثنا النفيس جزاه الله خيرًا وهو صاحب دار الحكمة للنشر.
وعندما شرعنا في مراجعة الطبعة الأولى استعدادًا للثانية أصدرت دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث بدبي (دولة الإمارات) كتابًا في الفروق الفقهية معزوا للقاضي عبد الوهاب البغدادي في طبعتين بتحقيقين مختلفين، في نطاق عنايتها بشخصية القاضي وتراثه، وكانت أقامت له مؤتمرًا حافلًا في دبي (من ١٦ إلى ٢٢ مارس سنة ٢٠٠٣).
لقي فيه القاضى العناية البالغة تعريفًا بجوانب نبوغه وبمصنفاته ومنهجه في تأليفها، وبجهوده الجبارة وقيمته بين أعلام المذهب المالكي. وبأثره في تياره.
ومما رأت الدار أن تتحف به المشاركين في المؤتمر وسائر القراء فروق القاضى عبد الوهاب بتحقيقها الأول الذي قام به جلال القذافي الجهاني، ثم
1 / 4
طبعت بعيد المؤتمر الفروق نفسها بتحقيقها الذي قام به محمود سلامة الغرياني.
وكانت النسخة المعتمدة لكلا المحققين واحدة فريدة يتيمة هي نسخة مكتبة الأوقاف بطرابلس ليبيا تحمل رقم (٥٨٨).
وقد انخدع المحققان لما رأيا على غلافها بخط مغاير نسبة الفروق إلى القاضي عبد الوهاب، فدفعهما ذلك إلى تحقيقها مؤكدين النسبة معرضين عن العهود لدى جمهور المحققين من استعمال معايير معينة يستدل بها على معرفة عنوان الكتاب والتأكد من صيغته ومعرفة المؤلف والتأكد من نسبة الكتاب إليه.
من المعروف لدى المبتدئين في تحقيق كتب التراث أن إثبات نسبة المصنفات إلى أصحابها هي أهم شيء وأخطر خطوة من خطوات التحقيق، وقد تحدث المتخصصون عن هذه الطريقة طويلًا، ونحن ننصح المحققين بقراءة بعض الكتب التي ألفت في مناهج تحقيق التراث والتي عدد أربى المطبوعات منها على الخمسين كتابًا.
ومن الواضح أن وجود اسم أحد المؤلفين على غلاف كتاب أو أول ورقة منه، ولو كانت بنفس الخط، لا ينفع وحده أبدًا لإثبات نسبة الكتاب إلى مؤلفه، ومن يعتمد على ذلك فهو في جهل عظيم بفن التحقيق، وهذا الذي حدث لنسخة طرابلس. ثم إن هذه النسخة كانت النسبة فيها إلى المؤلف بخط مغاير، وقد أخبرنا الأستاذ إبراهيم الشريف (قسم المخطوطات بمركز جهاد الليبين) أنه بيّن هذه المغايرة لمن يطلب تصويرها، ولكنهم لم يأبهوا بذلك، وقد انزلقت أقدام كثير من المحققين انخدعوا بما وجدوا على بعض المخطوطات من
1 / 5
نسبتها إلى غير أهلها بخطوط ناسخين تجهل أغراضهم، ولا يعرف مستواهم العلمي والخلقي. ومن هؤلاء المحققين من تدارك خطأه بالرجوع عن ذلك.
نعود فنقول:
وإن وجود عبارة: قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب في أول ورقة في المخطوط لا يعني ذلك أن الكتاب للقاضى، وإلا لزم أن ينسب الكتاب إلى سحنون؛ لأن ثالث فرق ابتدأ بقول المؤلف: قال سحنون ... أو لزم أن ينسب الكتاب إلى مالك؛ لأن كثيرًا من الفروق بدايتها: قال مالك. هذا مما لا يصح أبدًا. وإنما معني ذلك أن صاحب الكتاب جمع فروقًا كثيرة لعلماء شتي، بعض هذه الفروق بل كثير منها للقاضي عبد الوهاب.
وإذا اعتمدنا -في مناهج التحقيق- الاكتفاء بأول عبارة يبتدئ بها المؤلفون النقول عمن سبقهم، فإنه يلزم أن ننسب كتاب (كتاب البروق) للونشريسي إلى عبد الحق الصقلي؛ لأن أول فرق فيه منقول عنه أفيعقل ذلك؟
ثم كيف يعقل أن يقول القاضى وهو صاحب التأليف أو أحد المؤلفين عن نفسه عبارة ﵀ وهو حي أثناء تأليف الكتاب؟ وإنما المعقول أن يقولها في حق غيره ممن نقل عنه أو استفاد منه.
وقول الأستاذ الجهاني عن نسخة طرابلس من الفروق: (لم يذكر المحققان أنها نسبت إلى القاضي عبد الوهاب، بل نفيًا أنها نسبت لأحد) أما في شقه الأول فصحيح، فإننا لم ننسبها للقاضي؛ لأننا جازمون بأنها ليست له، وأما الشق الثاني فغير صحيح، إذ أننا لم ننسب هذه النسخة لأحد؛ بل لم نتحدث عن نسبتها مطلقًا، ونحن إنما استعنا بها لا على أنها للدمشقي، وإنما لأننا
1 / 6
استفدنا منها أثناء المقابلة في الألفاظ، ولم نفعل ما فعل الأستاذ محمود الغرياني حيث اعتمد في تحقيق الكتاب الذي نسبه إلى القاضي - كالمحقق الأول على فروق الدمشقي مع أنه منكرٌ نسبته إليه، فكيف ينفيه تارة، وينسبه إلى الدمشقي تارة أخرى عندما يعتمد عليه، وإن هذا الشيء عجيب.
ومما يؤكد أن نسخة طرابلس لا يمكن نسبتها إلى القاضي ما جاء في الفروق ص ٩١، ص ٩٥ من النسخة المطبوعة بتحقيق الجهاني: "هذا قول بعض شيوخنا" أهـ. وجاء في نفس الفرق من فروق الدمشقي -الذي هو للقاضي عبد الوهاب على رأي السيد محمود- الفرق ٣٤ ص ٨٤ في نفس الموضوع: "وهذا قول القاضي ﵀ في الدرس" اهـ. ولا شك أنه يعني القاضي عبد الوهاب؛ لأن هذا التفريق للقاضي عبد الوهاب نص عليه في شرح الرسالة عند قول صاحبها: ومن عليه دنانير أو دراهم من بيع ..... ينظر الجزء الرابع ص ٢٧٩ - ٢٨٠ من نسخة تمكروت المخطوطة.
وهكذا يفند هذا الدليل نسبة المخطوطة إلى القاضي عبد الوهاب، ويثبت نسبة الفروق للدمشقي الذي توخى الأمانة بنسبة القول الفقهي لشيخه القاضي. وكما ترون فإن هذا الدليل لم ينهض إلا بالاطلاع على مصنف آخر للقاضي ما زال مخطوطًا، وهو شرح القاضي على الرسالة. وهذا الشرح المهم أسعفنا بدليل آخر يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك وَهْمَ من عزا نسخة طرابلس إلى القاضي وهو الدليل التالي:
عندما تعرض القاضي عبد الوهاب في شرح الرسالة (مخطوطة تمكروت ج ٥ ص ١٣٨ - ١٣٩) للمفاضلة بين مكة والمدينة واستدل لرأيه بَيَّنَ أن بعض الحانقين عمل مسألة في رد إجماع أهل المدينة زعم أنه نقض بها كلام القاضي أبي
1 / 7
الفرج ﵀ .... ثم أتى بكلام هذا الرجل بلفظه، ثم قال: (وقد أجبنا عن كلام هذا الرذل وما أورده من الجهل في مقدمات كتاب الفروق ما أنت إن شاء الله تقف عليه ويرضيك ما أثبتناه فيه وبالله التوفيق) أهـ.
فأين هذا الجواب، بل أين كلام صاحب الرد في فروق الدمشقي -الذي نسبناه خطأ إلى الدمشقي وهو للقاضى على رأي المحققين الجهاني والغرياني - وأين ذلك في كتاب الفروق الثابت النسبة إلى القاضي على زعمهما؟ أم النسخة التي أعتمدا عليها مبتورة الأول؟
أما قول الأستاذ الجهاني ص ١٨ في مقدمة تحقيقه معتمدًا على ما قلناه أثناء تحقيق فروق الدمشقي في نقل عبارة القاضي عبد الوهاب في فروقه من قِبَلِ المواق، حيث عقب على ذلك بقوله: "فيها أن المواق قد وقف على كتاب القاضي عبد الوهاب، ونقل منه نصًا غير موجود في الفروق الدمشقية (١) بينما هو موجود في هذه النسخة المنسوبة للقاضي عبد الوهاب ... إلا إذا افترضنا أن الدمشقي نقلها من كتاب آخر من كتب القاضي عبد الوهاب ﵀ لأن هناك فروقًا نقلها بالحرف عن فروق القاضي: وقد نسب المواق بعضها في عدة مواضع من كتابه إلى القاضى عبد الوهاب ولم ينسبها إلى الدمشقي (ثم ذكر تلك المواضع) أهـ.
ظن المحقق الجهاني أن نقل المواق لبعض فروق القاضي في كتابه يثبت نسخة طرابلس إليه، وهذا فهم في غاية العجب، فإننا لم نختلف في أن ما نقله المواق أو غيره هو للقاضي عبد الوهاب، بل هو له، لكن الكلام منصب على الكتاب إليه. وإذا صح نسبة الكتاب إلى مؤلف بمجرد وجود كلام له نقله غيره عنه فيجب أن ننسب كتاب المواق إلى القاضي عبد الوهاب لأن به
1 / 8
فروقًا له. وهذا لا يقول به عاقل. ثم كيف ينتظر المحقق بفهمه هذا من المواق أن ينسب الفرق للدمشقي، وهو من كلام عبد الوهاب حتى ولو نقله غيره، فإن الكلام ينسب إلى صاحبه، وحتى نوضح المسألة لهذا المحقق مع أن ذكرها يستحيي منه لأن المبتدئين يعرفون ذلك، ولكننا مضطرون لمجاراة هذا الفهم العجيب فنقول:
على فرض وجدنا كلامًا لابن عطية مثلًا في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، وأردنا أن ننقل هذا الكلام ولم يكن عندنا كتاب المحرر الوجيز أو كان عندنا ولكننا لم نجده فيه في موضعه المتوقع سنقول بلا شك: قال ابن عطية، ثم نذكر كلامه اعتمادًا على ما جاء في كتاب القرطبي وما أكثر القول عن ابن عطية في تفسير القرطبي، ولا يمكن -والحالة هذه- أن يأتي أحد غريب الفهم فينسب كتاب القرطبي إلى ابن عطية.
نرجع إلى مسألتنا: فإذا نقل أحد العلماء فرقًا أو فروقًا للقاضي من كتاب أحد تلاميذه أو حتى من كتاب متأخر جدًا عن زمن القاضي مثل الونشريسي، فإن النقل صحيح أعئ الفرق للقاضي وليس للدمشقي أو الونشريسي، ولكن هذا النقل لا يجعلنا ننسب الكتب التي حوت هذا الكلام إلى القاضي عبد الوهاب.
وأما قول الجهاني: (أن ترتيب الكتابين يبين بما لا شك فيه أنهما كتابان مختلفان) هذا كلام صحيح، ولكن هذا لا يثبت النسخة الطرابلسية للقاضي، والأن المحقق لم يطلع إلا على نسخة طرابلس. وقد استقر في ذهنه -وأنى لك أن تتريل ذلك- أن هذه النسخة هي كتاب القاضي عبد الوهاب، ولو أطلع على بقية النسخ لوجدها كلها مختلفة ترتيبًا وتنسيقًا وعددًا، لكننا لا نعرف
1 / 9
مؤلفيها، فلو أن المحقق -حفظه الله- وجدها أو على أغلفتها العبارة التي وضعها أحد النُّساخ على نسخة طرابلس لجزم ولابد أن هذه النسخ جميعها للقاضي عبد الوهاب، وأن القاضي لابد أن يكون قد ألف مجموعة من الكتب في الفروق، وأن ذلك قد انطلى على محققي فروق الدمشقي الذين لا خبرة لهما بفن تحقيق التراث، خصوصًا وأن الأستاذ الجهاني قد حقق كتاب النظائر ونسبه إلى من وجد اسمه مكتوبًا على غلاف المخطوط وأشار إلى أن المؤلف ترجمته غير معروفة، وأن الكتاب لا تعرف له إلا هذه النسخة الوحيدة.
ونقول هنا إن للكتاب نسخة في القرويين منسوبة للقاضى عبد الوهاب ولو رآها الأستاذ محمود الغرياني لسارع إلى تحقيقها ونسبتها إلى القاضي عبد الوهاب ولدفع بما إلى دار البحوث مبطلًا ما فعله الأستاذ الجهاني من نسبتها إلى القاضى الصنهاجي رقم هذه النسخة ٢/ ٣٨٢ ضمن مجموع، يراجع في بقية المعلومات عنها فهارس الشيخ محمد العابد الفاسي وهي أقدم من النسخة التي استعملها الأستاذ الجهاني إذ أنها منسوخة عام ٩٧٣ هـ والنسخة التي اعتمدها المحقق الجهاني منسوخة على قوله سنة ١٢٧٠ هـ. وتوجد نسخة في دار الكتب الوطنية بتونس منسوبة إلى أبي عمران الفاسي العالم المشهور وتوجد نسخة أخرى في تشستر بتي أيرلندا وقد نسب الكتاب فيها إلى ابن عبدون! مختلفة الترتيب مع النسختين السابقتين، ولكن المحتوى هو هو، فقد جاءت المسائل التي ابتدأت بها النسختان الأخريان جاءت في الورقة ١٣ /و.
فهل تكفي هذه الكتابة في إثبات نسبة الكتاب إلى ابن عبدون أو إلى القاضي عبد الوهاب أو إلى غيره. ونزيد فنذكر الأستاذ الجاني إلي نسخة أيرلندا التي نسبت الكتاب إلى ابن عبدون قد نسبته إليه في الغلاف، وفي أول
1 / 10
مسألة وعند نهاية الكتاب. فهل هذا كاف؟ وحتى هذه النسخة التي ظن الأستاذ الجهاني أنها الوحيدة من كتاب النظائر والتي لم يعلق عليها إلا ست مرات في الكتاب تعليقات لا معني لها، فبقى الكتاب بحاجة إلى تحقيق زيادة على تصحيح النسبة، ولا نريد هنا أن نتتبع أخطاء الكتاب وتصحيفاته.
أما المحقق الثاني الأستاذ محمود الغرياني فقد غمرته الفرحة -أكثر من صاحبه- باطلاعه على نسخة طرابلس، فظن أنه الوحيد الذي اطلع واكتشف هذا الكتاب فقال في مقدمة تحقيقه ص ٩: "فهذا كتاب الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب أقدمه اليوم في هذه الصورة محققًا على نسخة خطية وحيدة، تفردت بنسبة هذه الفروق للقاضي عبد الوهاب تصريحًا، ليكون تصحيحًا لخطأ توثيق غريب، كاد يؤدي إلى إزاحة هذا الجزء من تراث القاضي عبد الوهاب من النشر والظهور ... ".
ثم تحدث المحقق الذي اكتشف هذه النسبة للكتاب، والتي غابت عن الناس قبله، رغم قراءتمم لهذه النسخة قبل اطلاع المحقق عليها بعقدين من الزمن، تحدث عن الداعي لنشره فقال: "وإذا كان هناك من داع لنشر هذا الكتاب منسوبًا لمؤلفه رغم نشر نصف مادته -أو أكثر قليلًا- منسوبة لتلميذه الدمشقي، فهو إعادة الفضل لأهله .... ".
وتحت عنوان (العثور على المخطوطة) قال المحقق: وعند مراجعة ما كتبه المحققان اتضح أيضًا أنهما (أي محققي كتاب فروق الدمشقي لا يعرفان لفروق القاضي عبد الوهاب مكانًا يوجد فيه، وهو نفس الموقف الذي اتخذه الدكتور حمزة أبو فارس عند تحقيقه فروق الونشريسي. إلا أن ما كنت قد أطلعت عليه من فهرس مخطوطات مركز دراسات جهاد الليبيين هو وجود مخطوطة
1 / 11
بعنوان. "فروق عبد الوهاب" وأنها توجد ضمن مخطوطات المركز برقم ٥٨٨ ضمن مجموع أوله كتاب معين الحكام لابن عبد الرفيع، ولا يوجد لهذه المخطوطة أي ذكر عند محققي تراث القاضي عبد الوهاب أو تراث تلميذه.
وقد أثار هذا الأمر استغرابًا أدى بي إلى أن أسعى في سبيل تحصيل هذه المخطوطة والاطلاع عليها، والغريب في الأمر أن أجدها مخطوطة متكاملة واضحة الخط، كاملة الصفحات بها صفحة العنوان، وبما صفحة النهاية، وجميع ذلك بخط واحد، على نفس الدرجة من الوضوح، وهي تقطع بنسبتها إلى القاضى عبد الوهاب انتهى كلام المحقق.
انظر إلى هذه الاستغرابات العجيبة وهذه النتائج الأعجب!
وأول استغرابات المحقق أن من سبقه في الكتابة عن القاضى عبد الوهاب، أو عن تلاميذه لم يعرفوا هذه المخطوطة الكاملة الواضحة إلى أن جاء هو فاكتشفها وأخرجها للناس محققة تحقيقًا علميًا لم يسبق إليه.
ونحن نستغرب استغرابه ونتعجب لتعجبه فقد عرفنا هذه النسخة وقرأناها قبل أن يسمع بها بأكثر من عقد من الزمن، وليس ذلك ادعاء، والدليل هو نشر اللوحة الأولى منها بصفحتيها في مقدمة تحقيق فروق الدمشقي الذي نشر منه ١٩٩٢ م، فكيف يصح له أن يقول لا يعرفان لهذه النسخة وجودًا. ولا شك أنه أطلع على فروق الدمشقي، إلا أن يكون اطلع عليه بعد كتابته المقدمة، ولكن الرجل قد استعمل هذا الكتاب واستفاد منه رغم أنه لا يقر بنسبة إلى الدمشقي. إذن نحن نعرف هذه النسخة ولم ننسبها إلى القاضى لأنها نسبتها إليه غير ثابتة، بل العكس نحن نجزم حتى الآن بأنها من تأليف بعض تلاميذه. أما من هو هذا التلميذ فالله أعلم. يبقى الأمر مجهولًا إلى أن يعثر الأستاذ
1 / 12
محمود على نسخة أخرى على غلافها اسم مؤلف فينسبها إليه شريطة أن يكون العنوان وبقية الكتاب بخط واحد.
لم نقل هذا الكلام سخرية -معاذ الله- ولكن ما قلناه هو منهج الرجل في إثبات نسبة الكتاب إلى مؤلفيها وقد صرح بذلك فيما نقلناه عنه حيث قال: "وجميع ذلك بخط واحد، على نفس الدرجة من الوضوح، وهي تقطع بنسبتها إلى القاضي عبد الوهاب".
بل نحن ننصح هذا المحقق -وفق منهجه هذا- أن يعيد تحقيق كتاب آخر هو "فصول الأحكام وبيان ما مضى به العمل عند الفقهاء والحكام" رقمه في خزانة القرويين ١/ ٣٨٢ وهو منسوب إلى القاضي عبد الوهاب وسيجد العنوان وبقية الكتاب بنفس الخط والوضوح، فيظفر بهذه الغنيمة التي لم يُفْطَن إليها من قبل فيقدمها إلى دار البحوث بدبي لتنشرها محققة تحقيقًا علميًا على نسخة فريدة، لم يعرفها، أو عرفها غلطا محققان أحدهما من تونس هو الدكتور أبو الأجفان، والأخرى الأستاذة البتول بنت علي من الغرب، حيث نسباها إلى الباجي، ولم يأخذا بمنهج الأستاذ محمود في إثبات نسبة الكتاب، وإلا فكيف يتجاهلان نسبة هذا الكتاب إلى القاضي عبد الوهاب في نسخة القرويين وينسباها إلى الباجي كما فعل محققا فروق الدمشقي تمامًا.
والمنظار الثاني الذي استعمله المحقق هو منظار المحقق المتشكك المتسائل، ذلك أن توافقًا من هذا النوع لا يمكن أن يكون نقلًا، والنقل من غير تصريح واضح به يؤثر على المصداقية العلمية للمؤلف.
وقبل أن نرد ونطمس منظاره هذا نقول: إذا كان النقل من غير تصريح يؤثر على المصدأقية العلمية على المؤلف فمعنى ذلك أن القاضي أبا بكر بن
1 / 13
العربي فقد مصداقيته في كتابه "عارضة الأحوذي" الذي نقل فيه كلامًا كثيرًا بل كثيرًا جدًا من كتب ابن عبد البر ولم يصرح بإسمه إلا في مواضع قليلة، كما أخبرنا به محققو كتاب العارضة.
ثم بعد ذلك أين النقل من غير تصريح في كتاب الدمشقي الذي يقول المحقق إنه تتبعه خصوصًا في قسمه الدراسى، ومن نتائج هذا التتبع أنه وجد تحقيق الكتاب اعتمد على نسخة طرابلس (انظر هذا مع أنه قال سابقًا: إن المحققين لم يعرفاها ولم يطلعا عليها) ناسبًا إياها للدمشقي.
ونقول للمحقق، إننا -كما سبق ذكره- لم ننسبها إلى الدمشقي ولا إلى غيره ولكننا اعتمدناها في تصحيح بعض الألفاظ كما اعتمد هذا المحقق على فروق الدمشقي مع أنه يشك في نسبته إلى مؤلفه.
تعسف محمود الغرياني في بعض الأمور التي حاول أن يثبت بها ما أراد ومن ذلك أنه احتار لما رأى القاضي عياضا في المدارك لا يعزو كتاب الفروق للقاضي عبد الوهاب، فعمد إلى محاولة اتهام غيره بتحريف عبارة، معتبرًا أصلها (الصحيح) هو الفروق والعبارة لعياض هي المروزي في سياق ذكر مؤلفات عبد الوهاب حيث يقول: (وكتابه الآخر المسمى بالمروزي في الأصول)، فقد توهم الغرياني أن المروزي تصحيف لـ (الفروق) وقال: "رغم أنني لم أجد القاضي عياض! ! ! قد ذكر هذا الكتاب في مداركه في النسختين المطبوعتين إلا أنني أتوقع أن يكون الكتاب المذكور باسم المروزي ضمن مؤلفات القاضي عبد الوهاب في المدارك هو تصحيف لكتاب الفروق، ولا يسعنا التأكد من ذلك إلا بمراجعة الأصول الخطية للمدارك، ذلك أن
1 / 14
تصحيفك بالغة أصابت النص المطبوع، وأفقدت الباحثين التسليم بما يثبت فيه من قراءة للنص" (مقدمة التحقيق ص ٢٢ هامش ٢).
وقد كفانا مؤونة التعليق على هذا الكلام التهافت الدكتور عبد الحكيم الأنيس الباحث الأول في دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث بدبي، حيث قال: "اتفقت النسخ التي رجعت إليها (يعني من الدارك) (المخطوطتان والمطبوعتان) على تسميته بالمروزي" انظر كتابه (القاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي في آثار القدماء والمحدثين ص ٩٣ هامش ٣، نشر دار البحوث بدبي).
ونضيف إلى ذلك أن مختصري المدارك لابن حمادة وابن رشيق المخطوطين ليس فيهما إلا ما في الأصل ولا ذكر للفروق كما أفادنا الدكتور قاسم سعد الذي يملك صورتي نسختين منه كانتا من مصادر في كتابه القيم (جمهرة تراجم الفقهاء المالكية، نشر دار البحوث بدبي).
وإن السيد الغرياني لفي غنى عن التعسف في إقامة هذا الدليل الضعيف القائم على احتمال أضعف، فقد نسب غير عياض له كتابًا في الفروق، والنقل عنه موجود.
وقد ازدادت حيرة الغرياني أكثر بإفادة أقرب تلاميذ القاضي عبد الوهاب إليه وهو أبو الفضل الدمشقي في مقدمة فروق أن شيخه القاضي ألف كتابًا في الفروق وأنه أخبر تلميذه أنه تلف له ولم يعمل غيره.
ورغم أن هذه الإفادة لا تمنع من وجود فروق للقاضي تناثرت في الكتب الفقهية قبل فقد الكتاب الأصل، ولا تمنع من إمكان العثور عليه ومن إعادة
1 / 15
تأليفه ... رغم ذلك فإن حيرة الغرياني دفعته إلى سلوك طريق المس من شخصية الدمشقي، والمنهج العلمي السليم في البحث لا يرتضي المس غير المبرر، فالدمشقي -في نظره- يشهد لنفسه عندما ينقل عن شيخه خبر ضياع كتابه، وإذا قبلنا شهادته انتفت عنه تهمة انتحال فروق شيخه كما قال في ص ٢٢.
ليس من الأدب مع أعلامنا المبادرة إلى اتهامهم، وليس من المنهج السليم رد أقوالهم بما عز لنا من تلك التهم الزائفة.
فهذا الدمشقي اشتهر بوطيد علاقته بشيخه وتأثره به، وولوعه بالفروق كان بفضل شيخه القاضي، وكلام الدمشقي وثيقة يعتمدها الباحث، ومن نقد هذه الوثيقة وردها لأنه رأى في كتاب الدمشقي فروقًا معزوة لشيخه ولغيره، يقال له: اعلم أن الطريقة السائدة في التأليف الفقهي كثيرًا ما تعتمد النقل مع الإضافة، فلا ضير في نقل بعض فروق شيخه أو الفروق المتداولة، فهذا العلم مثل غيره من الفنون الفقهية أثري بتراكم المعلومات، وتناقل الفروع والأحكام والتعليل والتنظير، وكان من المألوف نسبة الكتاب المتضمن لكثير من نصوص السالفين والنقل عنهم إلى جامعه الذي له دور في التنسيق والتنظيم والبيان -إضافة إلى النقل والاستشهاد- مع الإضافة البارزة في كثير من الأحيان.
ألا ترون معنا أن كتابة مقدمات التحقيق تقتضي إلمامًا بتاريخ علومنا الإسلامية ومعرفة بمناهج مؤلفيها، وبما كان معروفًا من طرق النقل وأساليب العرض والبيان.
1 / 16
لا شك أن القارئ الكريم مسلم بهذه الحقيقة التي تصرخ بها كتب منهج التحقيق وتدعمها محاضرات المنهج في الدراسات العليا، وتؤكدها خبرة المحققين الذين لا يختارون للتحقيق إلا ما يدخل ضمن دائرة اختصاصهم تجنبًا لأسباب الزلل والتضليل.
وأن من أدرك هذه الحقيقة ودرس القواعد الفقهية والأشباه والنظائر الفقهية وفروق مسائل الفقه ومارس مصنفاتها المؤلفة في مختلف عهود المعرفة الشرعية، لا يتصور ولا يخطر بباله أن المسائل التي ترد في مصنف من تلك المصنفات عند المؤلف نفسه فقط عندما يؤلف كتابًا آخر يوردها فيه، وكأنها أصبحت حكرًا عليه.
هذا التصور وجدناه عند المحقق الغرياني، صرح به في مقدمة تحقيق الفروق عندما أراد نسبتها للقاضي عبد الوهاب ونفيها عن غيره (٢٣ - ٢٨) حيث أشار إلى التوافق بين مسائل الفروق وبين ما كتبه القاضي في كتبه الأخرى، توافق في الموضوعات، استدل به على أن (كاتب مسائل المعونة والتلقين والإشراف هو نفسه كاتب الفروق) وقدم نماذج لتلك الاتفاقات مثل جواز قراءة الحائض القرآن للضرورة، ورد هذا الحكم في فروق القاضي وفي معونته مع الاستدلال فيهما بما ورد من النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو، ثم الكتابة إليهم به.
ونقول: إن أحكام المسائل المكونة للفروق تتكرر في أكثر من كتاب يكرر ذكرها مصنفو الفروق وحتى المصنف الواحد فِى كتبه، كما هو الشأن في تكرار القواعد والضوابط في كتب الأشباه وكذلك النظائر التي تراها مكررة، فلتراجع كتبها عبر مراحل تطور تأليفها، ولينظر فروق الونشريسي الجامع لما
1 / 17
أثر عن عبد الحق الصقلي والدمشقي وغيرهما من القدامى الصائغين للفروق، وليقرأ ما كتب الباحثون الممتازون عن مناهج المؤلفين ومراحل تطور التأليف عندهم، إن عطاء علمائنا مستمر عبر العصور وأن واجب الدارسين المعاصرين فهم خصائص تراكم المعرفة الشرعية وإدراك مناهجهم في إثرائها ووحدة غايتهم في خدمتها وطرقهم في النقد والتحليل والتعقب، وذلك أجدى من المسارعة إلى الاتهام ودعوى الانتحال أو محاولة الهدم ورفع راية الباطل والضلال.
ولم يكتف السيد محمود الغرياني بذلك، فأبدى في مقدمة تحقيقه شكا في شخصية أبي الفضل مسلم الدمشقي، محاولًا التطرق بذلك إلى نفي نسبة فروق فقهية له، مستخدمًا لذلك من الأدلة ما ينبئ عن قلة معرفة بمناهج علمائنا في التأليف المتصل بالفقه وقواعده وفروقه، وعن انتفاء إدراك الضوابط المعهودة لإثبات النسبة، تلك الضوابط التي أفاض في بيانها مؤلفو منهج التحقيق، وسار عليها من أجادوا التحقيق وبرعوا في مجاله، وتنكبها آخرون فزلت بهم القدم، ونسبوا كتبًا إلى غير مؤلفيها، وعرفت ساحة التحقيق أخطاء فادحة تعقبها بعض النقاد، وتداركها المنصفون من أهل الذكر والمعرفة.
وقد حفزنا إصدار الفروق المنسوبة للقاضي عبد الوهاب إلى الإسهام في بيان الحقيقة في هذه المقدمة لطبعة فروق تلميذه الدمشقي للمرة الثانية، معتبرين أنه إسهام علمي نخدم به جانبًا من ثقافتنا الفقهية التي تمثل عنصرًا مهمًا من عناصر حضارتنا الإسلامية الناشئة عن الدعوة الإسلامية دعوة الخير والهدى.
1 / 18
لقد أتاحت لنا هذه الطبعة الجديدة لفروق الدمشقي أن نزيد تأكيد نسبتها إلى صاحبها الذي لم يتوسع المترجمون القدامى من التعريف به -كما فعلوا مع كثير من فقهائنا- وفي اعتقادنا أن المرجو في كل باحث أن يضيف الجديد للمعرفة ببحثه، فنرجوا أن نكون بإثبات النسبة وبنشر هذا الكتاب في طبعتيه، قد أضفنا الجديد، وصححنا خطأ من تطاول على أعلامنا، ولم يتحر الصواب، ولم يستعمل المقاييس السلمية والضوابط الدقيقة لوضع الأمور في نصابها، ولم يدرك مناهج أعلامنا في التصنيف والتقعيد وعرض الأحكام، ذلك المنهج الذي تكامل فيه التأليف الفقهي بالجهود المتضافرة التي سار أصحابها في طريق قويم ينبغي دراسته وإدراك خصائصه قبل التصدي لتحقيق التراث الفقهي، فقد أثبت الواقع أن أهل الاختصاص أملك لوسائل النجاح في تحقيق كتب اختصاصهم، وأن التصدي للتحقيق ولنقد ما حقق يقتضي خبرة وممارسة ما فتئت جامعاتنا الإسلامية تدرب طلبة الدراسات العليا على امتلاكها، حتى يخرجوا من تراثنا المحجوب ما ينفع الناس على الصورة التي أرادها مؤلفوه بعد الاطمئنان إلى أهميته وصحة نسبته اطمئنانًا مبينًا على التثبت والمنهج النقدي والفكر الموضوعي بعيدًا عن العاطفة والأحكام الفجة التي يسوق إليها التسرع والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. المحققان
مكة المكرمة ٢٠ شوال ١٤٢٤ هـ
1 / 19
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تصدير
الحمد لله ربنا العظيم، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، المبعوث رحمة للعالمين، بشريعة العدل والإحسان، التي نهض أعلام الأمة ببيانها وتفصيل أحكامها ونشرها.
وبعد فقد تفاوت فقهاؤنا في التوغل في مجال الاجتهاد، وتنوعت وسائلهم وطرقهم في استعمال العقل المهتدي بتعاليم الوحي الإلهي، وكان من جملة هذه الطرق التنظير بين المسائل المتشابهة، وبيان الفروق بين الفروع التي ظاهرها التشابه، وهي متباينة في حقيقة أمرها.
وقد أثمرت جهود الفقهاء في فن الجموع والفروق، وآتت أكلها الطيب، فتعددت مؤلفات هذا الفن وارتبطت بعلم القواعد الفقهية الدالة على أسرار الشريعة ومقاصدها، كما ربطها بعضهم بالمطارحات والمحاضرة العلمية.
ولئن اشتهرت بعض كتب الفروق ولمعت نجوم أصحابها، فإن بعضها لم يشتهر ولم يتداول، وبقي ضمن المخطوطات التي لا تصل إليها الأيدي إلا نادرًا.
ومن هذا الصنف الثاني كتاب هام، صاحبه من الرواد الذين خاضوا مجال التأليف في هذا الفن الفقهي، بذل جهدًا في التقعيد والتفصيل، واستعمل العقل في المسائل، مثبنا مدى خضوعها للنظر والتوجيه والتعليل.
إنه أبو الفضل مسلم بن على الدمشقي المالكي من المركز العراقي، أحد تلاميذ علامتي بغداد الشهيرين أبي بكر الأبهري والقاضي عبد الوهاب
1 / 21