المطلب الأول المذاهب الأربعة عامة
كانت المذاهب الفقهية الأربعة الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي في بغداد وفي عصر المؤلف على درجات متفاوتة من حيث الشيوع والبروز وكثرة الأتباع والعلماء والمنتسبين والمدارس.
فمرة يرتفع وينتشر الحنفي وأخرى الحنبلي وفي أحيان يسيرة الشافعي إلا أن المذهب المالكي في ذلك الوقت في بغداد خاصة كان أقل هذه المذاهب الأربعة انتشارًا وبروزًا وأتباعًا ومنتسبين.
فقد كان المذهب الحنفي أكثر انتشارًا من غيره في العراق، وقد ذكر مؤلف كتاب تاريخ المذاهب الإسلامية عندما تحدث عن البلاد التي ذاع فيها المذهب الحنفي ما يؤيد ذلك بقوله: (انتشر المذهب الحنفي في كل بلد كان للدولة العباسية سلطان فيه، وكان يخف سلطانه كلما خف سلطانها، غير أن بعض البلاد تغلغل فيه بين الشعب، وبعض البلاد كان فيه المذهب الرسمي من غير أن يسود بين الشعب في العبادات وكان في العراق وما وراء النهر والبلاد التي فتحت في المشرق المذهب الرسمي وكان مع ذلك مذهبًا شعبيًّا) (١).
ففي هذا دلالة واضحة على قوة المذهب الحنفي في بغداد حيث هي عاصمة الدولة العباسبة، هذا وإن نازعه هذه القوة أحد المذهبين الشافعي والحنبلي
_________
(١) تاريخ المذاهب الإسلامية، محمد أبو زهرة، جـ ٢ في تاريخ المذاهب الفقهية، ص ١٧٣.
1 / 47