قال السيد الغسقوني: «أي بني، ولد هذا الحصان في إسطبلي منذ حوالي ثلاثة عشر عاما، وخدمني بإخلاص منذ ذلك الحين. وهذه الحقيقة يجب أن تكون مدعاة لسرورك أن يكون ملكا لك.»
استطرد والد دارتانيان قائلا: «وحيث إنك، يا ولدي، ستشق طريقك في الحياة، فضع نصب عينيك أن تحافظ على مكانتك، ولا تتقبل النقد من أي شخص، باستثناء الكاردينال والملك. ولا تخش المعارك أبدا، وابحث عن المغامرة. وقد علمتك كيف تستخدم السيف. وعليك بالقتال في جميع المناسبات.»
وأضاف الرجل العجوز: «بمجرد أن تبلغ باريس، اذهب بهذا الخطاب وسلمه بنفسك للسيد تريفي؛ إذ كان هذا السيد، فيما مضى، جاري، وحظي بشرف اختياره رفيقا لملكنا قبل اعتلائه العرش. إنه الآن قائد الفرسان؛ أي قائد حرس الملك الشخصي.
علاوة على هذا، فالسيد دي تريفي يربح عشرة آلاف كارون راتبا سنويا له، ولذا فهو يعد من النبلاء العظماء. لقد بدأ حياته مثلما تبدؤها أنت. اذهب إليه بهذا الخطاب، واتخذه قدوتك حتى تنجح مثله. ليس لدي ما أعطيكه، يا بني، سوى خمسة عشر كراونا، وحصاني، والنصيحة التي سمعتها الآن. انتهز كل فرصة سانحة، وعش سعيدا وطويلا.»
بعد ذلك، علق السيد دارتانيان سيفه على حمالة ابنه، وقبله في وجنتيه وباركه.
الفصل الثاني
إهانة وتحد
حين وصل دارتانيان إلى ميونغ، ترجل عند باب فندق جولي ميلر. ولاحظ أثناء ترجله، رجلا رزين المنظر، يقف عند نافذة نصف مفتوحة بالطابق الأرضي، ويتكلم إلى شخصين آخرين خلفه بالحجرة، ويصغيان إليه باحترام غير عادي. وبطبيعة الحال، ظن دارتانيان أنه موضوع الحديث، خاصة وأن الرجل كان يتطلع إليه بين الفينة والأخرى؛ لذا أصاخ دارتانيان السمع إلى ما يقال.
والواقع أنه كان مخطئا بعض الشيء؛ إذ إن الرجل كان يتحدث عن صفات الحصان، وكثيرا ما كان الرجلان اللذان يصغيان إليه يضحكان بين آونة وأخرى. وإذا كانت نصف ابتسامة تكفي لإثارة طباع ذلك الرجل السريع الغضب، فمن السهل أن نتصور مدى الأثر الذي نشأ عن ذلك الأمر.
في تلك اللحظة عينها، أبدى الرجل ملاحظة دعابية ساخرة عن الحصان، فقهقه الاثنان الآخران بصوت يعلو على صوت ضحكهما السابق. غير أنه، هو نفسه، لم يظهر أكثر من ابتسامة بسيطة على وجهه. وهنا أحس دارتانيان، في هذه المرة، أنه قد أهين. وإذ اقتنع بهذا، تقدم وقد وضع إحدى يديه على مقبض سيفه، وأسند الأخرى على خاصرته، وصاح قائلا: «اسمع، يا سيدي، يا من تخفي نفسك وراء ذلك المصراع. أخبرني عما يضحكك، فنضحك معا.»
Bilinmeyen sayfa