İslam Devri İran Sanatları
الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي
Türler
على أن صناعة التجليد الإيرانية لم تبلغ أوج عظمتها ولم تصبح إيرانية حقا إلا في القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي) على يد المجلدين من مدرسة هراة. ولا غرو فقد عرفنا أن هذا العصر شهد في إيران إنتاج أفخر المخطوطات ذات الخط الجميل والزخارف المذهبة والصور البديعة والجلود الثمينة؛ وذلك بفضل النهضة الفنية في البلاد، وبفضل المجامع التي أنشأها لفنون الكتاب شاه رخ وبايسنقر، وجمعا فيها الفنانين من كل أطراف المملكة.
4
ولم تكن صناعة التجليد وقفا على هراة؛ فقد حازت فيها قصب السبق، ولكن كانت هناك مراكز أخرى في سمرقند ومرو ومشهد وبلخ ونيسابور وشيراز وتبريز.
وفي الحق أن صناع جلود الكتب في إيران أصابوا في القرن التاسع الهجري أبعد حدود التوفيق في الخروج على الأساليب الهندسية القديمة في الزخرفة؛ وابتدعوا تركيب الزخارف من المناظر الطبيعية ذات الحيوانات والطيور الحقيقية والخرافية، ووصلوا إلى الإتقان في دقة الرسم وأسلوب الصناعة وسلامة النسب.
وقد استطاع الفنانون الوصول إلى إتقان الزخارف المذكورة بعد أن تخلوا عن طريقة الضغط أو الدق بالآلة البسيطة التي كانت تنتج الرسوم الهندسية ورسوم الفروع النباتية؛ فاستخدموا القوالب المعدنية المستقلة التي كانوا يضغطون فيها الجلد بقوة فتظهر فيه النتوءات الشديدة البروز على شكل العناصر الزخرفية النباتية والحيوانية، بل والصور الآدمية أيضا.
وفي القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي) كان المصورون عونا كبيرا لصناع الجلود في رسم الحيوانات والأشجار والنباتات والأشخاص، في دقة ورشاقة يبدو تأثير الشرق الأقصى في أساليبها الفنية؛ فكانت الجلود تبدو في بروزها كأنها من المسكوكات، كما أنتج الفنانون في القرن العاشر الهجري بعض الجلود الفاخرة المخرمة من الورق والجلد المقطوع بدقة كأنها الخيوط، وكانت هذه الجلود ذات طبقات متعددة تختلف كل واحدة في لونها عن الأخرى ، وتوضع بعضها فوق بعض. وكانوا يعنون بباطن الجلود وألسنتها عنايتهم بالجزء الخارجي منها، ولكنهم فقدوا في هذا القرن بعض ما كان لهم في القرن السابق من المهارة وحسن الذوق في هذا الميدان.
وكانت معظم جلود الكتب في هذا العصر من جلد الماعز، وتشبه في زخارفها السجاجيد في كثير من الأحيان؛ فكثيرا ما نرى في وسطها جامة أو صرة بيضاوية، وفي الأركان الأربعة أجزاء من جامات، وفي الجامة وأرباع الجامات رسوم نباتية أو حيوانية أو رسوم سحب صينية.
واستخدم المجلدون الإيرانيون في مدرسة هراة طريقة الزخرفة برسوم اللاكيه، وذلك منذ منتصف القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي). وأقدم ما نعرفه من هذه الجلود يرجع إلى سنة 931ه/1525م. وامتاز بعضها بجمال الألوان التي غلب عليها الأسود والذهبي، ولكن صناعتها لم تلبث أن تأخرت في القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي)، ثم تأثرت بالأساليب الفنية الأوروبية في عصر فتح علي شاه (1212-1250ه أي 1797-1834م). على أن تلك الجلود كانت ميدانا لفن التصوير، ولم يكن للمجلدين فيها شأن عظيم. •••
ويجب علينا ألا ننسى ما كان لمدرسة هراة من تأثير على المراكز الفنية الأخرى في إيران؛ فقد مر بنا أن انتقال الفنانين من بلد إلى بلد في العالم الإسلامي كان أمرا شائعا، فضلا عن أن المجمع الذي أنشئ لفنون الكتاب في هراة انحل عندما وقعت هذه المدينة في يد الشيبانيين سنة 913ه/1507م؛ فتفرق الفنانون في المراكز الفنية الجديدة في إيران وفي بلاط الهنود المغول والأتراك العثمانيين.
كما أن علينا أن نذكر دائما أن الجلود الثمينة التي يمكننا اعتبارها آيات في الفن ودقة الصناعة لم يكن المقصود بها أن تكون غلافا لحفظ الكتاب فحسب، ولكنها كانت جزءا ثمينا منه؛ فكان الكتاب يوضع بجلده في حافظة من الديباج أو القطيفة.
Bilinmeyen sayfa