Fundamentals and Methods of Da'wah 3 - Al-Madinah International University
أصول الدعوة وطرقها ٣ - جامعة المدينة
Yayıncı
جامعة المدينة العالمية
Türler
أمَّا أبو طالب فقد حدثتنا كتب السيرة والسنة عن جهوده لنصرة الرسول ﷺ، منها: ما قاله ابن إسحاق: وكان له عضدًا وحرزًا في أمره، ومنعة وناصرًا على قومه. وأمَّا خديجة ﵂ فقد كانت له وزير صدق على الإسلام، يشكو إليها وتخفف مصابه، وتسري عنه، وهذا الحزن له أسباب أخرى، وهو ما تَبِع موتها من طمع الأعداء في إيذاء الرسول ﷺ، وضعف الاستجابة له ولدعوته في هذه الفترة، التي تلت الوفاة، بل لقد سُدّت السبل في وجهه في مكة وفي خارج مكة، وهذا ولا شك يحزنه حزنًا شديدًا.
لقد امتدت أيدي السفهاء لتخنقه وهو يصلي في ظل الكعبة، وقام سفيه آخر بنثر التراب على رأس رسول الله ﷺ، ثم دخل بيته والتراب على رأسه، فقامت إحدى بناته، فجعلت تغسل التراب وهي تبكي، ورسول الله ﷺ يقول لها: «لا تبكِ يا بنية، فإن الله مانع أباك».
هذا الصدّ والأذى كان في مكة، وكان في الطائف، وكان في كل مكان يذهب رسول الله ﷺ إليه ليبلّغ دعوة ربه ﷿، ويطلب النصرة، وقد كان من ثقيف من الصدِّ والأذى ما هو أشد على نفس النبي ﷺ.
إنَّ الأحداث التي جرت بعد الوفاة كان لها أثر أشدّ على نفس النبي ﷺ، فأحزنته حزنًا شديدًا، وقد نزلت سورة هود بعد عام الحزن بقليلٍ، تواسي الرسول ﷺ عمّا أصابه، وعمَّا واجهه من غطرسة القريب والبعيد، وتحدد رسالته ومهمته بالنذارة والإنذار، قال تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ (هود: ١٢).
لقد وضَّحت الآية الضيق النفسي الذي كان يجده في هذه الفترة من مضايقة هؤلاء الكفار.
1 / 147