ولكنه شاعر لا ريب حين يكون الشعر لمعانا في الخاطر، وجمالا في التشبيه وانتظاما في النسق، ويقظة في البديهة، وكذلك كان في أسلوب المقالات.
وكذلك كان فيما نظم من القصيد، وهو قليل.
ومن هذا القليل قصيدة نترجمها هنا؛ لأن ترجمتها تفسر لنا ما عنيناه بذلك القسط الشعري في كلامه المنثور، فلا فرق بين ترجمة شعره ونثره، إذا زال الوزن والقافية من قصيدة المترجم إلى لغة أخرى؛ لأن بلاغته الشعرية كلها مما يسهل تحصيله في النثر البليغ.
قال من قصيدة عنوانها «الدنيا فقاعة» حين جرب تقلب الأقدار وطوارق الأخطار:
الدنيا فقاعة، وحياة الإنسان أقصر من مدى الشبر! وضيع في حمله ووضيع من رحم أمه إلى مثواه، وعليه اللعنة من مهده حيث يتربى مع السنين على الهموم والدموع! فهل من يركن إلى الفناء الهزيل، إلا كمن ينقش على الماء أو يخط على التراب؟ ***
لكنك تسأل: أي الحياة - ونحن مثقلون هنا بالأحزان - خير وأشهى؟
فالقصور مدارس يلغو بها أطفال العقول.
والريف جحور لأناس من الوحوش.
وأين هي المدينة التي عرت من أدران الفساد.
حتى لا يقال فيها: إنها وايم الحق لشر الثلاث؟ ***
Bilinmeyen sayfa