وما إن نطقت بهذه الكلمات حتى رأيت رجلا يركض بسرعة عبر نهر الجليد. قفز فوق مناطق كنت قد استغرقت بعض الوقت للمرور بها خشية أن أقع. وعندما نظرت إليه عن كثب تبين أنه أطول بكثير جدا من الإنسان الطبيعي.
فكرت في نفسي: «لا، مستحيل!» وشعرت بالدوار وكدت أسقط لولا أن هواء الجليد البارد أعاد لي توازني: لقد كان المسخ! وقد جاء يركض باتجاهي. واعترتني رجفة من الخوف والغضب معا.
صرخت: «أيها المسخ! كيف تجرؤ أن تقترب مني بعد الذي اقترفته! ألست خائفا مني؟ ألا ترى غضبي؟»
أجابني صائحا: «أعرف أنك تكرهني. حيثما ذهبت كرهني الجميع. أنا بائس، لكنك أنت الذي صنعتني وأنت الوحيد الذي تجمعني به صلة.»
اقترب مني أكثر واسترسل: «أريدك أن تفعل شيئا من أجلي. إذا وافقت سأتركك وشأنك، وإذا لم توافق سأجعل حياتك جحيما.»
صرخت: «كيف تجرؤ على تهديدي! كيف تجرؤ على تهديدي!» وركضت نحو البقعة التي يقف فيها رافعا قبضتي يدي. تنحى المسخ جانبا بكل خفة فسقطت على الجليد. ونهضت من مكاني ونفضت الجليد عن بنطالي.
قال المسخ: «لا تتصرف بحماقة. طيلة العامين الماضيين رأيت السعادة تملأ الأرجاء من حولي، لكنني لم أذق طعم هذه السعادة. رأيت الناس يحبون ويحبون، لكن ما من أحد أحبني قط. تعلمت الكلام والقراءة والتفكير بوضوح، ومع كل هذا لا زال الناس يرفضونني. أنت صنعتني يا فرانكنشتاين، والآن لا بد أن تبارك حياتي كما بوركت حياتك بالناس الذين يحبونك.»
صحت بأعلى صوتي: «ارحل! نحن عدوان أيها المسخ. لا يهم أنني صنعتك.»
نكس المسخ رأسه دقيقة ثم قال: «كيف أجعلك تنصت لي؟ كيف أجعلك تفهم؟ يا فرانكنشتاين ، أنا وحيد تماما في هذا العالم. إذا كان صانعي يمقتني ويحتقرني، فكيف أتوقع خلاف ذلك من أي شخص آخر؟»
وتهدج صوته وهو يتابع حديثه: «إن منزلي الآن هو الجليد البارد في هذه الجبال. إنني أحيا حياة قاسية، وأنت وحدك الذي تملك القدرة على مساعدتي. أرجوك، اسمع قصتي فحسب، وعندما تسمعها كلها يمكنك أن تصدر حكمك علي.»
Bilinmeyen sayfa