فن السيرة
فن السيرة
Yayıncı
دار الثقافة
Baskı Numarası
٢
Türler
تكون سيرة عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز ونور الدين وصلاح الدين الأيوبي قائمة على التاريخ الممزوج بالتوجيه الخلقي، ولكن الأمر على غير ذلك في سيرة ابن طولون والأخشيد وجوهر الصقلي وجلال الدير منكبرتي. فبعض هذه السير لم تتوجه له همة المؤرخ إلا بطلب، كسيرة الأخشيد التي كتبت بطلب من ابنه، وبعضها يكتبه من يعيش في ظل الوالي أو السلطان اعتذارًا عنه وتوجيهًا لبعض ما اشتهر من سيئ أعماله، أو تقديرًا للرابطة التي بينهما، أو إظهارًا لخارجيته وعصاميته إن كان عصاميًا، أو لغير ذلك من أسباب. فوراء كل سيرة دافع مباشر، هو الذي حدا بالمؤرخ إلى تسجيلها. تأمل مثلًا سيرة رجل مثل ابن طولون، تجد أن توفر المؤرخين على كتابتها أمر يبعث حقًا على التوقف؛ فقد كتبها أحمد ابن يوسف وابن زولاق وأبو محمد البلوي. أتراهم كتبوها لمميزات فارقة في شخصية ابن طولون نفسه؟ وإذا كان الاثنان الأولان قد كتباها لصلتهما بابن طولون فلم عاد البلوي إلى كتابة تلك السيرة من جديد؟ ألأن كتاب أحمد بن يوسف (ابن الداية) كما يزعم البلوي لم يكن مرتبًا، ولا مستوفى؟؟ لاشك أن لشخصية ابن طولون مميزاتها الواضحة، وسيرته عند مؤرخي عصره تعني تاريخًا لمصر وجوانب الحياة فيها من سياسية واجتماعية، وقد عاصر ابن طولون يقظة خاصة على تاريخ مصر وشخصيتها وأدبها، ونمى هو هذه النزعة حين أثار الشعور
1 / 29