Büyük Fitne Ali ve Oğulları
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
Türler
فلم يكد الحسن يكتب إليه مع جندب بن عبد الله الأزدي ينبئه بأن الناس قد بايعوه ويدعوه إلى الطاعة، حتى رد عليه معاوية ردا رقيقا ليس فيه شيء مما كان في كتبه إلى علي من الشدة والغلظة والتأنيب والامتناع، وإنما كتب إليه ينبئه أنه لو كان يعلم أنه أقوم بالأمر وأضبط للناس وأكيد للعدو وأحوط على المسلمين وأعلم بالسياسة وأقوى على جمع المال منه لأجابه إلى ما سأل؛ لأنه يراه لكل خير أهلا، ويقول له إن أمري وأمرك شبيه بأمر أبي بكر وأمركم بعد وفاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، يريد أن أبا بكر وأصحاب النبي معه عرفوا لأهل البيت مكانتهم من النبي واستحقاقهم لكل كرامة، ولكنهم مع ذلك صرفوا الخلافة عنهم إلى من هو أقدر على النهوض بأمرها من المسلمين.
وقد عاد الأمر إلى مثل ما كان عليه بعد وفاة النبي، لم تتغير مكانة أهل البيت ولم يتغير استحقاقهم لكل كرامة، ولكن غيرهم - وهو معاوية - أقدر منهم على النهوض بأمر الخلافة وأعباء السلطان.
ثم وعده أن يسوغه ما في بيت مال العراق، وأن يجعل له خراج ما يختار من الكور، يستعين به على مئونته ونفقاته ما عاش.
وقد عاد جندب بكتاب معاوية إلى الحسن، وأنبأه باجتماع أهل الشام وكثرتهم وتأهبهم للمسير إليه، وأشار عليه أن يغزوهم قبل أن يغزوه، ولكن الحسن ظل ساكنا لا ينشط للحرب حتى علم أن معاوية قد سار إليه، وكاد أن يبلغ حدود العراق، هنالك نهض للقائه وجرى له ما علمت من الأحداث.
ولم يكن قعود الحسن عن الحرب جبنا أو فرقا، وإنما كان كراهية لسفك الدماء من جهة، وشكا في أصحابه من جهة أخرى، وقد تبين له بعد مسيره وما كان من أمره مع الناس حين بلغ المدائن أنه لم يكن مخطئا، ولا سيما بعد أن عرف وفود الأشراف من أهل العراق على معاوية، وأن الذين لم يفدوا عليه قد كتبوا إليه، فكان يقول لأهل العراق: أنتم أكرهتم أبي على الحرب وأكرهتموه على التحكيم، ثم اختلفتم عليه وخذلتموه، وهؤلاء وجوهكم وأشرافكم يفدون على معاوية أو يكتبون إليه مبايعين، فلا تغروني عن ديني.
ثم تعجل الصلح، فأرسل إليه معاوية عبد الله بن عامر عامل عثمان على البصرة، وعبد الرحمن بن سمرة فعرضا عليه الصلح وألحا عليه فيه، ورغباه بما رغباه به مما علمت، فقبل مبدأ الصلح وأرسل سفيرين إلى معاوية، هما عمرو بن سلمة الهمداني ومحمد بن الأشعث الكندي، ليستوثقا من معاوية ويعلما ما عنده، فأعطاهما معاوية هذا الكتاب: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب للحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان ، إني صالحتك على أن لك الأمر من بعدي، ولك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله محمد
صلى الله عليه وسلم ، وأشد ما أخذه الله على أحد من خلقه من عهد وعقد، لا أبغيك غائلة ولا مكروها، وعلى أن أعطيك في كل سنة ألف ألف درهم من بيت المال، وعلى أن لك خراج يسا ودارابجرد تبعث إليهما عمالك وتصنع بهما ما بدا لك، شهد عبد الله بن عامر وعمرو بن سلمة الكندي وعبد الرحمن بن سمرة ومحمد بن الأشعث الكندي وكتب في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين.»
ونلاحظ أن معاوية لم يبدأ هذا الكتاب كما كان يبدأ كتبه إلى علي: «من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب» وإنما قدم الحسن فكتب: «إلى الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان» يظهر بذلك تكريم الحسن وأنه يسير معه سيرة غير سيرته مع أبيه.
وقد عرض معاوية على الحسن ثلاثة أشياء: أن يجعله ولي عهده، وأن يجعل له مرتبا سنويا من بيت المال ألف ألف درهم، وأن يترك له كورتين من كور فارس يرسل إليهما عماله ويصنع بهما ما يشاء.
Bilinmeyen sayfa