Büyük Fitne Ali ve Oğulları
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
Türler
كما قر عينا بالإياب المسافر
كأنها أرادت أن تقول: إن عليا قد أراح بموته واستراح، وليس من شك في أنه استراح بموته من شقاء كثير، ولكن الشك كل الشك في أنه أراح، بل اليقين كل اليقين هو أن موت علي رحمه الله لم يرح أحدا، وإنما أورث المسلمين عناء وخلافا لم ينقضيا بعد، وما أرى أنهما سينقضيان قبل وقت يعلم الله وحده أيقصر أم يطول.
الفصل الحادي والأربعون
وإلى هنا ينقضي حديث التاريخ عن علي رحمه الله، ويبدأ حديث القصاص وأصحاب السير والأساطير، وقد ذهب هؤلاء جميعا كل مذهب فيما أرادوا إليه من التعظيم والتفخيم ومن التهويل والتأويل، وخلطوا كل ذلك بالتاريخ خلطا عجيبا، حتى أصبح من أعسر العسر أن يخلص المؤرخ إلى الحق الواضح في أيسر الأمور من كل ما يتصل بشأن من شئون علي، فهم لم يكتبوا حديث علي متجردين فيه من شهوات القلوب ونزوات النفوس، ولا متبرئين من الهوى الذي يفسد الرأي، ولا من عبث الخبال الذي يخفي حقائق التاريخ.
منهم من أحب عليا في غير قصد فأفسد الحب عليه أمره كله، وقال بما أوحى إليه خياله لا بما صح لعقله من الحوادث والأخبار، ومنهم من أبغض عليا وأسرف في بغضه فأفسد البغض عليه أمره، وصور فيما كتب أو روى ما أوحى إليه الحقد وأملى عليه الخيال المضطغن، لا ما ألقى إليه الثقات من حقائق التاريخ، منهم العراقي الذي لا يحب عليا وحده وإنما يتعصب لأهل العراق عامة، ويتوخى في كل ما يكتب ويروي أن يكون لأهل العراق الفضل المحقق على أهل الشام في كل قول وفي كل عمل وفي كل مشهد من المشاهد، ومنهم الشامي الذي لا يبغض عليا فحسب، ولكنه يتعصب لأهل الشام ويرى لهم الفضل كل الفضل والتفوق كل التفوق.
وقد أسرف أهل الشام حين انتهت الأحداث باستقامة الأمر لمعاوية وخلفائه من الأمويين، وإن كان إسراف أهل الشام لم يكد يبقى لنا منه شيء بعد أن تغير مجرى التاريخ وانتقل السلطان إلى الهاشميين.
وأسرف أهل العراق بأخرة حين انتقل السلطان إلى بني العباس فلونوا التاريخ بما يلائم أهواء السلطان الجديد.
فإذا أضفت إلى هذا كله أن أهل الشام وأهل العراق عرب لم يبرءوا قط من العصبية الجاهلية، لم تجد بدا من أن تقدر تأثير هذه العصبية في وصف ما كان للقبائل من بلاء في الحرب وموقف في السلم، كل قبيلة تريد أن تؤثر نفسها بأعظم حظ ممكن من الفضل والسابقة.
ثم إذا أضفت إلى هذا أيضا أن أولئك وهؤلاء لم يستطيعوا في تلك العصور أن يفرقوا بين السياسة والدين، وإنما رأى أهل العراق أنهم يحبون عليا في الله، فحبه دين، وأنهم شاركوا في الثورة بعثمان في سبيل الله أيضا، فأرضوا الله بثورتهم، وأرضوه بقتل ذلك الخليفة الذي لم يجر أمور الخلافة في رأيهم كما كان ينبغي أن تجري.
وأهل الشام يبغضون عليا في الله لأنه - فيما زعم لهم قادتهم - قد شارك في قتل الخليفة المعصوم، فأحل ما حرم الله من هذا الدم الحرام في الشهر الحرام والبلد الحرام، وأبى - على أقل تقدير - أن يسلم قتلة عثمان إلى ولي دمه، فحمى العصاة المجرمين.
Bilinmeyen sayfa