Büyük Fitne Ali ve Oğulları
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
Türler
وهنالك - وهنالك فحسب - يتفرق حماة الجمل كما ينتشر الجراد، ويقبل محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر فيحتملان الهودج وينحيانه ناحية، ويضرب محمد على هودج أخته فسطاطا، ويأمره علي أن ينظر أأصابها مكروه، فيدخل رأسه في الهودج، فتسأله: من أنت؟ فيقول: أبغض أهلك إليك. فتقول: ابن الخثعمية؟ فيقول: نعم؛ أخوك محمد. ويسألها: أأصابها مكروه؟ فتقول: مشقص في عضدي. فينتزعه، ويأتي علي مغضبا، ولكنه على ذلك متماسك يملك نفسه ويضبطها أشد الضبط، فيضرب الهودج برمحه ويقول: كيف رأيت صنيع الله يا أخت إرم؟! فتقول: يا ابن أبي طالب، ملكت فأسجح. فيقول علي: غفر الله لك. وتجيب عائشة: وغفر لك.
ثم يأمر علي محمد بن أبي بكر أن يدخل أخته دارا من دور البصرة، فيحملها حتى يدخلها دار عبد الله بن خلف الخزاعي، فتقيم فيها أياما.
الفصل الرابع عشر
وكذلك اقتتل الناس حول طلحة حتى انهزموا وجه النهار وقتل طلحة، ثم اقتتلوا آخر النهار حتى انهزموا حين أقبل الليل وسلمت عائشة، ورأى المسلمون يوما لم يروا مثله شناعة ولا بشاعة ولا نكرا، سل المسلمون فيه سيوفهم على المسلمين، وقتل خيار المسلمين فيه خيار المسلمين، فقتل من أولئك وهؤلاء جماعة من جلة أصحاب النبي ومن خيرة فقهاء المسلمين وقرائهم، وحزن علي لذلك أشد الحزن وأقساه. فكان يتعرف القتلى من أصحابه ومن خصمه ويتوجع لأولئك وهؤلاء، ويترحم على أولئك وهؤلاء، ويتجه إلى الله ربه فيقول:
أشكو إليك عجري وبجري
شفيت نفسي وقتلت معشري
وكأن العرب في ذاك اليوم قد عادت إلى جاهليتها الجهلاء وضلالتها العمياء، ونسيت دينها السمح أو كادت تنساه، أو كأن العرب في ذلك اليوم قد جن جنونها وفقدت صوابها فلم تدر ما تأتي ولا ما تدع، أو كأن الفتنة قد شبهت على العرب حتى رأى المسلمون أنفسهم في ظلمة ظلماء لا يرون، حتى كأنهم الذين وصفهم الله في القرآن حين قال:
أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق
إلى آخر الآيات، إلا أنهم كانوا مسلمين، يرى كل منهم أنه يغضب لله ويقاتل ويقتل ويموت في سبيل الله؛ ولهذا لم يبعد علي حين قال لأصحابه حين سألوه قبل الموقعة: إن من قاتل فقتل وهو لا يريد بقتاله إلا الحق ولا يبتغي به إلا رضى الله فهو شهيد، وقد أنفذ علي أمره كله، فأمن الناس إثر سقوط الجمل، واشتد على أصحابه في ألا يجهزوا على جريح ولا يتبعوا فارا ولا يدخلوا دارا ولا يهتكوا سترا، ولم يقسم بين أصحابه غنيمة إلا ما أجلب به أهل البصرة من خيل أو سلاح، لم يكن ملكا لبيت المال، بل تجاوز إلى أبعد من ذلك وأمر بجمع ما ترك أهل البصرة في الميدان وحمله إلى المسجد، ونادى مناديه في الناس: من عرف منه شيئا فليأخذه.
وكأن الليل قد رد إلى القوم عوازب أحلامهم، وأصبحوا جميعا محزونين لا فرق في ذلك المنتصر والمنهزم، وأقبل علي من غده فصلى على القتلى جميعا من شيعته ومن خصمه، وأذن للناس في دفن موتاهم، وجمع الأطراف الكثيرة فاحتفر لها قبرا كبيرا ودفنها فيه، وأقام في معسكره خارج البصرة، فلم يدخل المدينة إلا بعد ثلاث.
Bilinmeyen sayfa