Büyük Fitne Ali ve Oğulları
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
Türler
والرواة يزعمون أن هذا الكلام قد أغضب معاوية، وأنه لام عمرو بن العاص لأنه هو الذي ألح في أن يتكلم الحسن، ثم هم بعد ذلك يزيدون في كلام الحسن ما عسى أن يكون منه وما عسى ألا يكون.
ومهما يكن من ذلك فقد سخط على الحسن جماعة من أصحابه الذين أخلصوا له ولأبيه، وأخلصوا في بغض معاوية وأهل الشام، ورأوا في هذا الصلح نوعا من التسليم لم يكن يلائم ما بذلوا أيام علي من جهد، ولم يكن يلائم كذلك ما كان في أيديهم من قوة، فمنهم من كان يقول للحسن: يا مذل المؤمنين! ومنهم من كان يقول له: يا مذل العرب! ومنهم من كان يقول له: يا مسود وجوه العرب.
ولكن الحسن لم يحفل بشيء من ذلك، وإنما رضي عن خطته كل الرضى، رأى فيها حقنا للدماء ووضعا لأوزار الحرب وجمعا لكلمة الأمة، وتمكينا للمسلمين من أن يستقبلوا أمورهم مؤتلفين لا مختلفين ومتفقين لا مفترقين، ومن أن يفرغ أهل الثغور لثغورهم يردون عنها طمع العدو فيها وفيما وراءها، ومن أن يفرغ الجند للفتح يستأنفونه من حيث وقفته الفتنة.
ويقول الرواة: إن الحسين بن علي رحمه الله لم يكن يرى رأي أخيه ولا يقر ميله إلى السلم، وإنه ألح على أخيه في أن يستمسك ويمضي في الحرب، ولكن أخاه امتنع عليه وأنذره بوضعه في الحديد إن لم يطعه.
وليس في هذا شيء من الغرابة؛ فقد كان علي نفسه يتنبأ ببعض ذلك، يتحدث بأن الحسن سيخرج من هذا الأمر، وبأن الحسين هو أشبه الناس به، وربما قسا على الحسن شيئا، فقال: إن الحسن فتى من الفتيان صاحب جفان وخوان.
وقد فرغ الحسن من هذا الأمر كله وارتحل بأهل بيته إلى المدينة، وترك معاوية في الكوفة يدبر أمر دولته الجديدة كما يشاء، ولكن الحسن لم يكد يبعد عن الكوفة حتى أدركه رسول معاوية يريد أن يرده إلى الكوفة ليقاتل طائفة من الخوارج خرجت عليه، فأبى الحسن أن يعود، وقال: لقد صالحته وما أريد إلا حقن الدماء واجتناب الحرب، وانتهى الحسن إلى المدينة فلقي من أهلها إثر وصوله إليها من لامه في الصلح كما لامه فيه أهل الكوفة، فكان يقول للائميه: كرهت أن ألقى الله عز وجل فإذا سبعون ألفا أو أكثر تشخب أوداجهم دما، يقول كل منهم: يا ربي، فيم قتلت؟!
الفصل الرابع والأربعون
ولم يكد الحسن يترك الكوفة في طريقه إلى المدينة حتى أظهر معاوية لأهل العراق شدة بعد لين وعنفا بعد رفق، فأعلن إليهم أول الأمر ألا بيعة لهم عنده حتى يكفوه بوائقهم، ويردوا عنه خوارجهم هؤلاء الذين خرجوا عليه، فمضى أهل الكوفة إلى الخوارج فقاتلوهم كما كانوا يقاتلونهم أيام علي، واستبان لهم أن أمرهم لم يتغير وأنهم كانوا يقاتلون أبناءهم وإخوانهم وأولي مودتهم ليطيعوا عليا، ثم هم الآن يقاتلونهم ليطيعوا معاوية.
ثم أعرب لهم معاوية بعد ذلك عن خطته التي رسمها وسياسته التي سيتوخاها فيهم، فأنبأهم بأنه نظر فرأى أمور الناس لا تصلح إلا بخصال: أولها أن يأتي المسلمون عدوهم في بلادهم قبل أن يأتيهم هؤلاء العدو في بلاد الإسلام، ولهم على ذلك أن يأخذوا أعطياتهم في إبانها، والخصلة الثانية أن بعوثهم إلى الثغور القريبة عليها أن تقيم في ثغورها ستة أشهر، فإذا بعدت الثغور فعلى البعوث أن تقيم فيها سنة، والخصلة الثالثة أن تصلح البلاد وترعى مرافقها حتى لا يصيبها الجهد، ثم أعلن إليهم أنه كان قد حرص على أن يخرج الناس من الفتنة، ويضع عنهم أوزار الحرب، ويكف بأس بعضهم عن بعض، ويجمع كلمتهم، وفي سبيل ذلك اشترط شروطا ووعد عدات ومنى أماني، وإنه الآن يضع هذا كله تحت قدمه.
ثم أعلن إليهم آخر الأمر أن ذمته بريئة ممن لم يقبل فيعطي البيعة، وأجلهم ثلاثا فأقبل الناس من كل أوب يبايعون، وهذا كله إن دل على شيء فإنما يدل على أن معاوية صانع أهل العراق ورفق بهم، حتى يتم له الصلح ويستقيم له الأمر ويخرج الحسن من العراق، فلما تم له ما أراد اصطنع الحزم وساس أهل العراق سياسة لم يكونوا يعرفونها من قبل.
Bilinmeyen sayfa