Fiqh of Fasting and Hajj from Dalil al-Talib
فقه الصيام والحج من دليل الطالب
Türler
حكم الصيام برؤية غير أهل البلد
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يجب صوم رمضان برؤية هلاله على جميع الناس] لقوله ﵊ في الصحيحين: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) قال الجمهور: إذا رُئي في بلد لزم سائر البلاد الصوم.
واستدلوا بحديث (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فإذا رُئي -مثلًا- في قطر ولكن الإمارات حال دون رؤيتها غيم أو قتر أو غير ذلك ولو لم يكن كغيم أو قتر فيلزم أهل الإمارات الصوم، ويلزم أهل مصر، وأهل الشام، وأهل الحجاز ونجد، وسائر أهل المملكة العربية السعودية، وغير ذلك من البلاد شرقًا وغربًا، هذا هو قول الجمهور؛ لحديث (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته).
وقال الإمام إسحاق: بل لكل بلد رؤيته، أهل قطر لهم رؤيتهم، وأهل الإمارات لهم رؤيتهم، وأهل الشام لهم رؤيتهم، وهكذا.
واستدل بحديث كريب، فإنه استهل عليه رمضان وهو في الشام حين بعثته أم الفضل بنت الحارث ﵂، وفيه أن ابن عباس ﵁ سأله؟ فقال كريب: رأيت الهلال ليلة الجمعة في الشام.
قال: أنت رأيته؟ قال: نعم رأيته ورآه الناس فصام الناس وصام معاوية.
قال ابن عباس: (لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نُكمل ثلاثين أو نراه.
فقلت -يقول كريب -: ألا تكتفي برؤية معاوية وأصحابه؟! قال: لا، هكذا أمرنا النبي ﵊.
إذًا: أهل الشام قد رأوه ليلة الجمعة، وأهل الحجاز رأوه ليلة السبت، فكان لكل أهل بلد رؤيتهم.
وهذا -أيها الأخوة- يدل على أن هذه المسألة من مسائل الاجتهاد، وكون المسلمين يختلفون في ذلك لا يضر، كون أهل الشام يصومون قبلنا بيوم أو بعدنا بيوم هذا لا يؤثر، ولا يثير عداوة ولا بغضاء، أما كون أهل البلد الواحد بعضهم يصوم وبعضهم يفطر فهذا الذي فيه العداوة والبغضاء، الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يُفطر الناس، فهذا الذي يُنهى عنه، فإذا رأى الحاكم قولًا أخذ به وألزم الناس به، وحُكم الحاكم يرفع الخلاف، ولا تقل: أنا أرى أن لكل أهل بلد رؤيتهم والحاكم قد أعلن، بل ترجع إلى قول الحاكم؛ لأن هذه المسائل يُرجع فيها إلى حُكم الحاكم ليرفع فيها الخلاف.
وبعض العلماء -كالشافعية- توسطوا -وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - فقالوا: إذا اتحدت المطالع لزم الصوم وإذا اختلفت المطالع لم يلزم الصوم، فإذا أعلن -مثلًا- أهل قطر أنهم رأوا الهلال وكان أهل الإمارات يوافقونهم في المطلع -وهذا أمر معروف عند أهل الفلك- صاموا، وإذا كانوا يختلفون معهم لم يصوموا، وهكذا.
إذًا: إذا اتحدت المطالع لزم الصوم، وإذا اختلفت لم يلزمنا أن نصوم لرؤية أهل بلد يختلفون معنا في مطلع القمر، وهذا هو الأصح.
وهذه المسألة -أيها الأخوة كما تقدم- من المسائل الاجتهادية، فإذا رأى الحاكم قولًا فإن قوله يرفع الخلاف ويُلزم الناس بذلك.
1 / 5