فقه النوازل للأقليات المسلمة
فقه النوازل للأقليات المسلمة
Yayıncı
دار اليسر
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
Yayın Yeri
القاهرة - جمهورية مصر العربية
Türler
ومع هذا التحفظ فقد وقع منهم الاجتهاد كثيرًا، ولقد أحمى ابن حزم ﵀ (١) في كتابه "جوامع السير" فقهاء الصحابة فبلغ عددهم اثنين وستين ومائة ما بين رجل وامرأة، المكثرون منهم سبعة هم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وأم المؤمنين عائشة بنت الصديق، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر ﵃.
يقول ابن القيم ﵀: "وقد كان أصحاب رسول الله ﷺ يجتهدون في النوازل، ويقيسون بعض الأحكام على بعض ويعتبرون النظير بنظيره" (٢).
ولعل من أخطر النوازل التي واجهها الصحابة في أول خلافة الصديق ﵁، ردة عدد من القبائل عن الإسلام، وامتناع عدد آخر عن أداء الزكاة وإن بقوا على الإسلام، ووقع الخلاف بين الصحابة؛ حيث ذهب كثير منهم إلى ترك قتالهم، ثم ما لبثوا أن شرح الله صدورهم لاجتهاد الصديق ومن معه في هذه النازلة.
عن ميمون بن مهران ﵀ (٣) قال: كان أبو بكر ﵁ إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به وإن لم يكن في الكتاب وعلم من رسول الله ﷺ في ذلك الأمر سنة قضى به، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين، وقال: أتاني كذا وكذا، فهل علمتم أن رسول الله ﷺ قضى في ذلك بقضاء فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر من رسول الله ﷺ فيه قضاء فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ على نبينا ﷺ فإن أعياه أن يجد فيه سنة من رسول الله
_________
(١) أبو محمد الظاهري، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح، الأندلسي، الإمام البحر، ذو الفنون والمعارف، من تصانيفه: المحلى، والإحكام في أصول الأحكام، ولد بقرطبة سنة ٣٨٤ هـ، وتوفي سنة ٤٥٦ هـ، سير أعلام النبلاء، للذهبي، (٣٥/ ١٦٦)، شذرات الذهب، لابن العماد، (٥/ ٢٣٩).
(٢) إعلام الموقعين، لابن القيم، (١/ ٢٠٣).
(٣) أبو أيوب، ميمون بن مهران الجزري، ثقة عابد كبير القدر، من طبقة تلي الوسطى من التابعين، ولي الجزيرة لعمر بن عبد العزيز، توفي سنة ١١٧ هـ، سير أعلام النبلاء، للذهبي، (٥/ ٧١). تقريب التهذيب، للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق: محمد عوامة، دار الرشيد، حلب، ط ٣، ١٤١١ هـ - ١٩٩١ م، (ص ٥٥٦).
1 / 45