Fiqh As-Seerah
فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة
Yayıncı
دار الفكر
Baskı Numarası
الخامسة والعشرون
Yayın Yılı
١٤٢٦ هـ
Yayın Yeri
دمشق
Türler
وقد حصلت أثناء وجوده ﷺ في بادية بني سعد (حادثة شق الصدر) التي رواها مسلم «١»، ثم أعيد بعدها إلى أمه وقد تمّ له من العمر خمس سنوات.
ولما أصبح له من العمر ست سنوات ماتت أمّه آمنة، وما أن تحول الرسول إلى كفالة جده عبد المطلب حتى وافته هو الآخر منيته فمات وقد تمّ للنبي ﷺ ثماني سنوات، فكفله عمه أبو طالب.
العبر والعظات:
يؤخذ من هذا المقطع من سيرته ﷺ مبادئ وعظات هامة نجملها فيما يلي:
١- فيما أوضحناه من نسبه الشريف ﷺ، دلالة واضحة على أن الله ﷾ ميز العرب على سائر الناس، وفضل قريشا على سائر القبائل الأخرى. تجد هذه الدلالة واضحة في الحديث الذي رويناه عن مسلم، وقد وردت بمعناه أحاديث كثيرة أخرى. فمن ذلك ما رواه الترمذي أنه ﷺ قام على المنبر فقال: «من أنا؟ فقالوا: أنت رسول الله عليك السلام، فقال:
أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا وخيرهم نفسا» «٢» .
واعلم أن مقتضى محبة رسول الله ﷺ، محبة القوم الذين ظهر فيهم والقبيلة التي ولد فيها، لا من حيث الأفراد والجنس بل من حيث الحقيقة المجردة. ذلك لأن الحقيقة العربية القرشية، قد شرف كل منها- ولا ريب- بانتساب رسول الله ﷺ إليها.
ولا ينافي ذلك ما قد يلحق من سوء بكل من قد انحرف من العرب أو القرشيين، عن صراط الله ﷿، وانحط عن مستوى الكرامة الإسلامية التي اختارها الله لعباده، لأن هذا الانحراف أو الانحطاط من شأنه أن يودي بما كان من نسبة بينه وبين الرسول ﷺ ويلغيها من الاعتبار.
٢- ليس من قبيل المصادفة أن يولد رسول الله ﷺ يتيما، ثم لا يلبث أن يفقد جده أيضا، فينشأ النشأة الأولى من حياته بعيدا عن تربية الأب ورعايته محروما من عاطفة الأم وحنوها.
لقد اختار الله ﷿ لنبيه هذه النشأة لحكم باهرة، لعلّ من أهمها أن لا يكون للمبطلين سبيل إلى إدخال الريبة في القلوب أو إيهام الناس بأن محمدا ﷺ إنما رضع لبان دعوته ورسالته التي
_________
(١) راجع قصة استرضاعه في بادية بني سعد وخبر شق صدره في سيرة ابن هشام: ١/ ٦٤ وانظر صحيح مسلم: ١/ ١٠١ و١٠٢
(٢) الترمذي: ٩/ ٢٣٦ كتاب المناقب.
1 / 45