Fiqh al-Da'wah in Sahih al-Bukhari
فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري
Yayıncı
الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢١ هـ
Türler
يجعل أكبر همه الدعوة إلى الله تعالى، ويزهد في الدنيا ولا يجعلها غاية مقصده ومبلغ علمه، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: أن الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة (١). قال ابن القيم ﵀: " وهذه العبارة من أحسن ما قيل في الزهد والورع وأجمعها " (٢).
وقال الإمام أحمد ﵀: " الزهد على ثلاثة أوجه، الأول: ترك الحرام وهو زهد العوام، والثاني: ترك الفضول من الحلال وهو زهد الخواص، والثالث: ترك ما يشغل عن الله وهو زهد العارفين " (٣).
وقد تكفَّل الله لمن لا يجعل الدنيا أكبر همه بالسعادة في الدنيا والآخرة؛ ولهذا قال النبي ﷺ: «من كانت الآخرة هَمّهُ جعل الله كفاه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له» (٤).
ثانيا: من صفات الداعية: الكرم الجود والكرم خلق عظيم ينبغي للداعية إلى الله أن يتصف به، وفي الحديث إشارة إلى اتصاف النبي ﷺ بالكرم؛ قال القسطلاني ﵀ على قول عمرو بن الحارث في الحديث: «ما ترك رسول الله ﷺ عند موته: درهما ولا دينارا ولا عبدا ولا أمة». . . ": " فيه دلالة على أن من ذكر من رقيق النبي ﷺ في جميع الأخبار كان إمَّا مات وإمَّا أعتقه " (٥) وقال العيني: " وقد ذكرنا في تاريخنا الكبير أنه كان له عبيد ما ينيف على ستين، وكانت له عشرون أمة، فهذا يدل على أن منهم من مات في حياة النبي ﷺ، ومنهم من أعتقهم، ولم يبق عبد
_________
(١) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام، ١٠/ ٥١١، ٦١٥ و٢٠/ ١٤٢، ومدارج السالكين لابن القيم ٢/ ١٠.
(٢) مدارج السالكين لابن القيم، ٢/ ١٠.
(٣) المرجع السابق، ٢/ ١٢.
(٤) أخرجه الترمذي عن أنس ﵁ في كتاب صفة القيامة، باب: حدثنا قتيبة ٤/ ٦٤٢، برقم ٢٤٦٥، وصححه الألباني في صحيح الجامع ٥/ ٣٥١، وسلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ٩٥٠.
(٥) إرشاد الساري ٦/ ٤٩٢، وانظر: عمدة القاري للعيني، ١٤/ ٣٠.
1 / 58