Belgesel Film: Çok Kısa Bir Giriş
الفيلم الوثائقي: مقدمة قصيرة جدا
Türler
كانت أعمال فيرتوف تأسر النقاد وتضعهم في حيرة، وتثير حنق الأصدقاء، وتثير جدالا عنيفا بين صناع الأفلام بما احتوته من تحد وبابتعادها المتعمد عن التقليدية، فخلق الكثير من العداوات، وفقد عمله بموسكو، ووصل الجدال إلى ذروته مع ظهور عمله الرائع «الرجل ذو الكاميرا السينمائية»؛ فبالتعاون مع زوجته وشقيقه المصور السينمائي مايكل، أبدع واحدا من أكثر أعماله السينمائية إذهالا وإثارة للفكر على الإطلاق. أعد هذا الفيلم لكي يكون بانوراما شاملة لأمة في طور التحول، صارت فيها الحياة اليومية للأشخاص العاديين جزءا من قصيدة معاصرة رائعة دون وعي منه بذلك. لو أن والت ويتمان سمع أمريكا تغني، فإن دزيجا فيرتوف سمع الاتحاد السوفييتي يغني.
ينتمي فيلم «الرجل ذو الكاميرا السينمائية» إلى أفلام سيمفونيات المدن، ويتبع أسلوب تصوير يوم في حياة إنسان مدعوما بخيال سينمائي؛ فالمشاهد يدخل مع رواد إحدى دور العرض، وينتهي الفيلم بخروجه، وفيما بين اللحظتين يستخدم المصور السينمائي سحر الكاميرا لاصطحاب المشاهد إلى داخل مواقف خاصة جدا (كميلاد طفل، أو طلاق زوجين) عبر مناظر طبيعية رائعة، وداخل أماكن عمل وصالات ألعاب رياضية، وقد عرض المصور والمونتيرة طرائف مرئية، وهي مؤثرات خاصة مصممة من أجل إضفاء المتعة على عرض عجائب هذه التكنولوجيا الجديدة التي تمكنت من إبرازها من خلال التجسيد.
وفي النهاية، علق الفيلم على قدرة واستمتاع مخرج الفيلم بنفس القدر الذي علق به على الإنجازات الاستثنائية للمجتمع الروسي الجديد، وكان هذا تقليدا متوافقا مع نظرية فيرتوف التي دافع عنها بضراوة عن القدرة الفائقة للفيلم الوثائقي، ليس فقط على رصد المجتمع، بل أيضا على رؤيته وتخيله على نحو يختلف عن كونه مجموعة من البشر فقط. وقد تباهت الإشادات الاستهلالية للفيلم بما يتطلع إلى تحقيقه: «هذا العمل التجريبي موجه لخلق لغة سينمائية بحتة حقيقية وعالمية، مختلفة تماما عن لغة المسرح والأدب.»
كان العمل مصدر إبهار وبهجة للفنانين والنقاد في جميع أنحاء العالم، وهو ما يعزى في جزء منه إلى كون ألغازه وغموضه قد أثارت فضولهم بشكل ممتع للغاية، وبالطبع عززت أيضا من تقدير الفنانين لأنفسهم. أما الجماهير الروسية، التي أخذت تختار بشكل متزايد بين الأعمال الكوميدية والدرامية الترفيهية من الأفلام الإقليمية وكذا الأفلام الدولية الرائجة، فقد شعروا بالعكس؛ فقد اشتكوا من أنهم لم يستطيعوا معرفة ما يدور حوله الفيلم، وهكذا كان الفيلم سببا في تدمير مستقبل فيرتوف الذي كان مهددا بالفعل داخل الاتحاد السوفييتي الذي كان يزداد صرامة وقسوة، حيث تعرض التجريب السياسي والفني على حد سواء للقمع. وبعد تجربة مثيرة شكليا في الصوت من خلال فيلم «الحماس» أو «سيمفونية دون بيسين» (1931)، وجد فيرتوف صعوبة في العمل في مجال تسيطر عليه الحكومة، ولم يلق مذهبه التجريبي الصارم والدقيق قبولا، وحلت محله الأعمال المبتذلة التي يسهل استيعابها، وفي سنواته الأخيرة جرى استغلاله في مونتاج الجرائد السينمائية والأفلام الوثائقية المملة التي تمجد ستالين.
وعلى الرغم من أن أعمال فيرتوف قد ولدت طاقة هائلة بين الدوائر الفنية والسياسية في الاتحاد السوفييتي، فإنها لم تحظ بمشاهدة واسعة هناك، فلم يعرض فيلم «عين السينما» (1924) جماهيريا سوى مرة واحدة فقط، فيما عرض فيلم «إلى الأمام أيها السوفييت» (1926) لفترة قصيرة في ثلاث دور عرض وبدون دعاية، أما فيلم «سدس العالم» (1926)، فلم يعرض على شاشات العرض الأول، فيما عرض فيلم «العام الحادي عشر» (1928) لآلاف المتفرجين الأوكرانيين، وعرض فيلم «الرجل ذو الكاميرا السينمائية» محليا، ولكن لم يلق تقديرا من الجماهير العامة، وقد وجد الرائد السينمائي، وأحد أوائل المعجبين بفيرتوف، سيرجي أيزنشتاين، نفسه يزداد سخطا من جراء ما سماه «عبث الكاميرا الخالي من أي دافع» لفيرتوف (وهو ما رد عليه فيرتوف بقوة بأن على أيزنشتاين أن يحترم قوة الواقع بدلا من تزييف الحقيقة من خلال الحكي).
شكل 1-5: جرب الفنان الثوري الروسي دزيجا فيرتوف أساليب شكلية صادمة في فيلمه «الرجل ذو الكاميرا السينمائية». الفيلم من إخراج دزيجا فيرتوف عام 1929.
وعلى الرغم من التلويث الذي طال سمعة فيرتوف في الاتحاد السوفييتي، فقد بقيت سمعته حية، والفضل في ذلك يرجع جزئيا إلى حماس فناني الغرب له، وقد كان أيضا علما مهما للكتاب المناهضين للشيوعية، مثل هيربرت مارشال الذي أرخ لمشواره الفني كواحد من كثير «من السير الذاتية الإبداعية المقيدة» للاتحاد السوفييتي، وأحيا سمعته الباحثون والخبراء، ومن أهمهم المؤرخ السينمائي جاي ليدا الذي شهد السنوات الأولى للسينما الروسية، والباحثة السينمائية آنيت مايكلسون، التي نشرت وحللت أعمال فيرتوف بالإنجليزية.
ظلت تحديات وتجارب فيرتوف مستفزة لأجيال من المخرجين الطليعيين: فقد تخيل شكلا سينمائيا يتجاوز الأفق الضيقة للسرد والحكي البسيط. لقد كانت نوعية الواقعية التي اختارها روبرت فلاهرتي، والتي تروي قصة عن صراع الإنسان للبقاء سواء ضمنيا أو صراحة، ممقوتة لفيرتوف وللمخرجين الذين أرادوا استخدام الفن لتحطيم التوقعات بشأن الوضع الراهن، وكانت أعماله وأعمال أيزنشتاين تشكل أهمية لجون جريرسون، الذي انجذب لادعاءاتهم بأنه بإمكان الفيلم أن يخدم التغيير الاجتماعي. وقد كان المخرجون في فترة الستينيات الذين تحرروا مما صار تقاليد تمثيلية في الفيلم الوثائقي يتخذون من فيرتوف بطلا أسطوريا؛ فقد صرح مارتن سكورسيزي، بعد أن اختار عشوائيا فيلم «الرجل ذو الكاميرا السينمائية» في أحد محلات الفيديو، بأنه قد افتتن بالإمكانيات التي فتحها أمامه. ولا تزال تجارب فيرتوف شبه المتماسكة التي تتسم بالغموض والثقة الجامحة في نفس الوقت، تدهش المتفرجين وتلهم صناع الأفلام.
لقد وضع الأعلام المؤسسون الثلاثة ثلاث مجموعات متباينة من التوقعات بين كل من صناع الأفلام والمشاهدين للفيلم الوثائقي: الترفيه الذي يسمو بالنفس (فلاهرتي)، والحكي النافع اجتماعيا (جريرسون)، والتجربة المثيرة للفكر (فيرتوف)، وقد أصبحت أسماؤهم مرادفا لهذه المناهج، وتحول ثلاثتهم إلى رموز أيقونية للأجيال التالية من صناع الأفلام الوثائقية.
سينما الواقع
Bilinmeyen sayfa