Modern Arap Düşüncesi: Fransız Devrimi'nin Siyasi ve Sosyal Yönlendirmesindeki Etkisi
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
Türler
يقول كاتبنا: «إذا وجب على الوالد للهيئة المدنية تعليم ولده، فقد حق له إمكان ذلك التعليم على قدر الكفاءة، وإذا حق للهيئة الحاكمة إجباره عليه، فقد لزمها توفير أسبابه وتمهيد سبيله على قدر الإمكان.»
وإذن، فليس يكفي فرض الواجبات على الناس والمجتمع، بل يتحتم على الهيئة الحاكمة أن تيسر لهم وسائل القيام بالواجبات المفروضة. وبطريق القياس، ليس يكفي أيضا منح الحقوق للناس في المجتمع، بل يتحتم على الهيئة الحاكمة أن تيسر لهم الوسائل الضرورية لممارسة الحقوق الممنوحة.
وبكلمة مختصرة، إن القوانين والقرارات، مهما تكن عادلة، نزيهة، إنسانية، تنحو منحى المثل الأعلى، فهي لا تفي بالغرض المقصود منها، بل قد تظل حبرا على ورق، بل قد تنقلب ظالمة جائرة، إن لم تكن قائمة على أساس يمكن من مراعاتها وتنفيذها، ويغلق باب العذر والحجة على من يخالفها.
ولقد عرض كاتبنا نجيب الحداد لشيء من هذا، تنبه إليه بتأثير من فيكتور هيغو وكتاب «البؤساء»، قال:
وضع فيكتور هيغو كتابه المشهور بعنوان «البؤساء» في ستة مجلدات كبيرة بناها على حكاية رجل حسن الأخلاق طيب القلب لم يخلق للشر والعدوان، قضت عليه الضرورة القصوى، وهي ضرورة الجوع أو ضرورة البقاء التي فطر عليها الإنسان، أن يسرق رغيفا من الخبز لأهل منزله وفيهم صغار أطفال يتضورون من الجوع، فقبضت عليه الحكومة بهذا الذنب الكبير، وحكم عليه القضاة، بموجب قانونهم، بالأشغال الشاقة إلى أمد بعيد. وقد أفرغ هوغو في هذا الكتاب كل ما حواه عقله الكبير من فلسفة الشقاء، وكل ما شعر به فؤاده الكريم من واجب الرحمة والحنان، وكل ما سمح به برهانه القاطع وحجته الدامغة من الطعن على القضاء في مثل هذا الظلم الشديد على فقير يائس يسرق رغيفا لسد الرمق وقوام الحياة، دفعته إليه ضرورة العيش وحب البقاء، فأقدم عليه مضطرا غير باغ ولا عاد، وليس من طبعه السرقة وحب الأذى، فحكم القانون القاسي بمثل ما يحكم به على سارق المال الكثير تدفعه إليه يد الطمع وفساد الطبع وحب الأذى والميل إلى السرقة والاختلاس.
وقال الكاتب نفسه يعالج مشكلة صغار الموظفين:
لا يخفى أن حياة الإنسان وحفظ وجوده هو الدافع الأكبر له في كل أمر، بل هو الطبع الغريزي الذي ينقاد إليه بالفطرة الحيوانية حتى يفضله بحكم الطبيعة على كل شيء سواه ... فإذا ضاقت يد العامل (يقصد عامل الحكومة؛ أي موظفها) وكثر عياله وقل مورد رزقه من ضيق راتبه ووجد نفسه مدفوعا إلى حفظ وجوده بعامل الخلقة والفطرة، هانت عليه الذنوب وسهلت لديه أسباب المخالفة والخروج عن الواجب الخفي في سبيل صيانة الحياة الظاهرية، وعن الغرض الوهمي في الحصول على الوجود الحسي الذي هو حقيقة الإنسان وإنسان الحقيقة. ولما كانت أعمال الحكومة التي تمس جانب الشعور مباشرة من طريق الحس قائمة على أيدي صغار العمال كالجندي والجابي والكاتب والناظر ونحوهم، وكان هؤلاء الصغار في ضيق من العيش وقلة في الرزق وحاجة إلى الإنفاق، لم يكن يؤمن على الرعية من اهتضام حقوقها تلك اليد التي تسلمها الحكومة رعاية الشعب من جانب، وتدفعها الفاقة والحاجة إلى ظلمه والتضييق عليه من جانب آخر، لا عن رغبة في الظلم أو حب في السلب والاهتضام، ولكن عن حاجة في النفس وضيق في اليد، وكم قاد شر إلى شر!
وبكلمة أخرى، يريد أديب إسحاق ونجيب الحداد أن يوجها النظر إلى ما للضمان الاقتصادي من شأن عظيم في ضمان القوانين وحسن سير الحكومة، بل حسن سير المجتمع على وجه عام، وكون الحقوق والواجبات فيه ذوات معنى للجميع.
ولكن، ما علاقة هذا كله بالثورة الفرنسية وبانتقادها؟
إن الثورة الفرنسية قد أعطت الإنسان والمواطن حقوقا أساسية جدا. على أن ديدرو، مثلا، كان يقول: إن الملكية (أي ما يملك الإنسان) هي التي تجعله مواطنا.
Bilinmeyen sayfa