فأجابه الإيطالي بجفاء، قال: لما كان الغرض إنقاذك من العار والفضيحة لم أستمهلك أياما ولا ساعات؛ بل جئتك ويداي مفتوحتان، وقلت لك: أبشر بالسلامة وإليك شرطي، فقبلته واتفقنا، إذن عليك أن تكلم الآنسة بوليت اليوم. أجاب الكونت وهو منكسر القلب: إني وعدتك ولا أخلف وعدي.
واجتاز بهوا إلى مخدع ابنته، وكانت قد عادت من زيارتها الأخيرة، فقال لها: هل رجعت مع وصيفتك الآن؟ أجابت: نعم. قال: ليست هذه الوصيفة بالرفيقة الصالحة لك، ولكن سوف تكون لك وصيفة أصلح منها ... ولكنك لم تخبريني، هل لقيت جديك؟
أجابت: نعم، فهل تمنعني من أن أزور منزلهما؟ قال: لا، فاطمئني واذهبي إلى منزلهما حينما تشائين.
فطوقت عنقه بساعديها شاكرة، فقال لها بعد أن نظر إليها مليا: وددت لو أراك على الدوام كما أنت الآن، وهذه أول مرة بعد قدومك من الهند أرى في وجهك أمارات الحب لي كما كنت أراها قبلا، قالت: ولكن هذه أول مرة تلاقينا فيها على انفراد.
فتردد في إخبارها عن السبب الذي من أجله خلا بها، ثم قال في نفسه: لست أستطيع أن أكشف لها الستر عن حقيقة حالي، وأبين لها الضرورة القاضية علي بأن أزوجها من لا تحب، ولكن يجدر بي أن أعهد بهذه المهمة إلى الأميرال وزوجته.
وفي اليوم التالي قصد إلى منزل الأميرال، إلا أنه لم يكن في البيت، فأشار عليه الخادم بأن ينتظره في البهو هنيهة ريثما يعود. فقال الكونت: لا بأس، أنتظر. قال الخادم: هل تأمرني بأن أنبئ سيدتي عن قدومك؟ أجاب: بلا شك.
وقد عنى الخادم بقوله «سيدتي» لورانس نفسها؛ لأنها أقامت في بيت والديها بعد أن نقلت إليه أمتعتها، غير أن الكونت لم يفهم مراد الخادم؛ بل ظنه يعني زوجة الأميرال، ولذلك كان اضطرابه عظيما حين رأى لورانس مقبلة عليه، فصاح: أنت في هذا البيت!
فجمدت لورانس؛ لأن لهجته حين تلفظ بهذه الجملة كانت تشف عن سخط ووعيد واحتقار. فقالت له: إنك طردتني من بيتك، فهل أتيت لتعنف والدي ووالدتي على كرامة أخلاقهما من نحوي؟ فأجابها: لا يحق لي النظر في أمرك، ولكن لو عرفت أنك ها هنا لما بعثت ابنتي إلى هذا البيت، ولا أتيت إليه.
قالت: إن ابنتك هي ابنتي أيضا، ولم يدر في خلدي إبعادها عنك ...
ثم انخفض صوتها وهي تقول: إن الحظ المشئوم قد جمعنا الآن، ولعلك تستخدم هذه المصادفة لتحرمني حق اجتماعي ببوليت مرة ثانية ... وما دمت قد رضيت عن تعذيبي، ولم يبق لديك وسيلة لتزيد بها عذابي، فأنا أتركك وحدك.
Bilinmeyen sayfa