فسألته: «ألا تعرف أحدا من غير الحى الذى أنت فيه»؟
فقال: «أعرف.. ولكن ما هى الحكاية»؟ قالت: «هل هن جميلات؟ أعنى هل قوامهن جميل»؟ فقال: «بعضهن» فقالت: «هل قوامهن أعدل من قوامى»؟
وكان صوتها وهى تلقى عليه هذا السؤال يخيل إلى السامع أنها ترجو منه أن يكون جوابه «لا» ولكنه خرج من «لا» ومن «نعم» بقوله: «لا أعلم».
ففعلت شيئا لم تكن تظن أنها تستطيع أن تقدم عليه، ولكنها أقنعت نفسها بأن الامر كله أمر بحث عن حقيقة واختبار لمبلغ الصدق فى قول أمها أن ثدييها كبيران، فقالت له وهى تمنحه فمها: «قبلنى».
وصارت شفتاه على شفتيها - لا يدرى كيف، ولكن هذا هو الذى كان - وأحس حرارة القبلة تسرى فى بدنه وتوقد النار فيه وتخزه أيضا. وانتهى الفصل الأول ورجعت ميمى إلى بيتها فى تلك الليلة وهى تشعر أن شيئا حصل تحت الشجرة اللفاء، وأن بابا يفضى إلى أسرار عويصة قد فتح لها.. فتحته قبلة واحدة ليس إلا.. وصارت تشعر بعد ذلك أنها مخلوق جديد وأن حياتها من طراز آخر غير الذى غبر.. وأصبحت تناجى نفسها وتسألها عما وراء الباب.. وتقول لنفسها إن القبلات حلوة وإنها تحسها معسولة، ولكن أهذا كل شىء؟.. لا.. فإنها تحس حنينا إلى ما لا تعرف وما لا يسعها أن تدرك، وأخيرا عرفت بعد أن بلغت العشرين وانتقلت إلى بيت سليم وارتمت بين ذراعيه. •••
وقالت ميمى وهى بين ذراعى سليم صباح ليلة الجلوة: «لقد ارتفعت الشمس.. صرنا قرب الظهر.. ألا نقوم»؟
ففتح سليم عينيه ببطء وقال: من حسن الحظ أن الزواج ليس كله شهر عسل، وإلا متنا.
فزوت ميمى ما بين عينيها وقالت: «لست أفهم ما تقول.. أليس واجبا أن تظل حياة الزوجين شهر عسل كلها.. أى أن يكون الشهر سرمدا»؟
فتنهد وقال: «إنه ليس كذلك من حسن الحظ.. أوه مستحيل.. أين من يحتمل ذلك.. أوهو.. مستحيل».
ثم عاد فقال: «لا يخب أملك.. كل شىء يفتر على الأيام.. هذا عزاؤنا جميعا».
Bilinmeyen sayfa