206

Modern Edebiyat Üzerine

في الأدب الحديث

Türler

الرثاء:

ولم يرث البارودي إلا صديقا أو قريبا، فلم يكن رثاؤه مفتعلا أو من شعر المناسبات، وإنما كان منبعثا عن عاطفة صادقة، وقد تمثل في رثائه كل ما يخطر ببال الراثي، من تفجع وشكوى من الزمن والحياة وسخط عليها, وإظهار لمحاسن المرثي، وبعض الحكم يتأسى بها الشاعر أو يعظ بها غيره، ويقدم العزاء أحيانا لأهل البيت، وإن لم يحاول الوقوف على سر الحياة الأخرى، وأن يستشف ما بعد الموت كما كان يفعل شوقي, وقد يأتي الباوردي ببعض المعاني القديمة في قصائد الرثاء؛ كأن يدعو الله أن ينزل الغيث على جدث الميت, وما شايع هذا من الصيغ التقليدية المعروفة، وهو يظهر الجزع والحزن الشديد دون مبالغة جارفة في النعوت التي يضفيها على الميت، وجزعه وحزنه لا يدلان على عاطفة مشبوبة وقلب وفي، ولا سيما وقد قال معظم مراثيه وهو في المنفى, فزاد في أساه لوعة النوى عن الوطن، وحرمانه التزود من الميت بنظرة أو حديث، ودعاه هذا إلى توجيه الخطاب للشامتين به في نكبته ومحنته, وأن يظهر لهم التجلد في أخريات قصائده، وأنه ما زال صلب العود ولا سيما إذا كان الميت من ذوي قرابته.

ومن أحسن مراثيه قوله في ولده علي:

كيف طوتك المون ويا ولدي؟ ... وكيف أودعتك الثرى بيدي؟

وا كبدي، يا علي بعدك لو ... كانت تبل الغليل وا كبدي!!

فقدك سل العظام مني ورد ... الصبر عني وفت في عضدي

كم ليلة فيك لا صباح لها ... سهرتها باكيا بلا مدد

دمع وسهد، وأي ناظرة ... تبقى على المدمعين والسهد؟!

لهفي على لمحة النجابة لو ... دامت إلى أن تفوز بالسدد

ما كانت أدري إذ كنت أخشى عليك ... العين أن الحمام بالرصد

فاجأني الدهر فيك من حيث لا ... أعلم ختلا والدهر كالأسد

لولا اتقاء الحياة لاعتضت بالحلم ... هياما يحيق بالجلد # لكن أبت نفسي الكريمة أن ... أثلم حد العزاء بالكمد

Sayfa 226