بعد جملة فيها معنى القول، كقوله تعالى: (فأوْحَينا إليه أَنِ اصنعَ الفُلْكَ) (١٥) . والمراد بالمشي ليس المشي على الأقدام (١٦) بل الاستمرار والدوام، أي: دوموا على عبادةِ أصنامِكم واحبسوا أنفسكم على ذلك. الثاني: أنّه ليس المرادُ الطلبَ حقيقةً، وإنما المُرادُ الخبرُ (١٧)، وعبَّرَ عنه بصيغة الطلب، كما في قوله تعالى: (ولنَحْمِلْ خَطَاياكم) (١٨)، (فليمدُدْ له الرحمنُ مدًّا) (١٩) . وجرًّا: مصدر جَرَّهُ يجُرُّهُ، إذا سحبه، ولكن ليسَ المرادُ الجَرّ الحسّي بل المرادُ التعميم كما استُملَ السَّحْب بهذا المعنى، أَلا ترى أنّه (٢٠) يُقال: هذا الحكمُ مُنسحبٌ على كذا، أي: شامِلٌ لهُ. فإذا قِيلَ: (كانَ ذلكَ عام كذا وهَلُمَّ جَرّا)، فكأَنَّه قيلَ: واستمرَّ ذلك في بقيةِ الأعوام استمرارًا، [فهو مصدرٌ] (٢١) . أو: استمرَّ مستمِرًّا، على الحال المؤكدة (٢٢) . وذلك ماشٍ في جميع الصورِ، وهذا هو الذي يفهمه الناسُ من هذا الكلام. وبهذا التأويل ارتفع إشكالُ العطف فإنّ (هَلُمَّ) حينئذٍ خبرٌ، وإشكالُ التزامِ إفرادِ الضمير إذْ فاعل (هَلُمَّ) هذه مفردٌ أبدًا، كما تقولُ: واستمرَّ ذلك، أو (٢٣): استمرّ ما ذكرته) (٢٤) .
_________
(١٥) المؤمنون ٢٧.
(١٦) في المسائل السفرية: بالأقدام.
(١٧) ساقطة من ب.
(١٨) العنكبوت ١٢. وينظر: مشكل إعراب القرآن ٥٥٠.
(١٩) مريم ٧٥.
(٢٠) المسائل السفرية: إلاّ أنّه يقال.
(٢١) من المسائل السفرية.
(٢٢) في المسائل السفرية: فهو حال مؤكدة.
(٢٣) في المسائل السفرية: أي واستمر. وفي ج: ما ذكرت.
(٢٤) انتهى ما نقله المؤلف من المسائل السفرية. وينظر في (هَلُمَّ جرّا): الفاخر ٣٢، الزاهر ١ / ١٧٦، تهذيب اللغة ١ / ٤٨٧، جمهرة الأمثل ٢ / ٣٥٥، المزهر ٢ / ١٣٦.
1 / 25