بيضتها وَلَكِن أعيادها إِذا أَرَادَت أَن تبيض أَيْن ترمي بالبيضة فَهِيَ تَدور وتجول حَتَّى ترمي بهَا فَإِذا باضت أعياها أَيْن تحفظها وتودعها حَتَّى لَا تُنال فَهِيَ تنقلها من مَكَان إِلَى مَكَان وتحار أَيْن تجْعَل مقرّها كَمَا هُوَ حَال من عى بأَمْره فَلم يدر من أَيْن يقْصد لَهُ وَمن أَيْن يَأْتِيهِ وَلَيْسَ المُرَاد بالإعياء فِي هَذِه الْآيَة التَّعَب كَمَا يظنّه من لم يعرف تَفْسِير الْقُرْآن بل هَذَا الْمَعْنى هُوَ الَّذِي نَفَاهُ سُبْحَانَهُ عَن نَفسه فِي آخر السُّورَة بقوله ﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ ثمَّ أخبر سُبْحَانَهُ أنّهم ﴿فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ أَي أَنهم الْتبس عَلَيْهِم إِعَادَة الْخلق خلقا جَدِيدا ثمَّ نبههم على مَا هُوَ من أعظم آيَات قدرته وشواهد ربوبيّته وأدلّة الْمعَاد وَهُوَ خلق الْإِنْسَان فَإِنَّهُ من أعظم الْأَدِلَّة على التَّوْحِيد والمعاد وَأي دَلِيل أوضح من تركيب هَذِه الصُّورَة الآدميّة بأعضائها وقواها وصفاتها وَمَا فِيهَا من اللَّحْم والعظم وَالْعُرُوق والأعصاب والرباطات والمنافذ والآلات والعلوم والإرادات والصناعات كل ذَلِك من نُطْفَة مَاء فَلَو أنصف العَبْد ربه لاكتفى بفكره فِي نَفسه وَاسْتدلَّ بِوُجُودِهِ على جَمِيع مَا أخْبرت بِهِ الرُّسُل عَن الله وأسمائه وَصِفَاته ثمَّ أخبر سُبْحَانَهُ عَن إحاطة علمه بِهِ حَتَّى علم وساوس نَفسه ثمَّ أخبر عَن قربه إِلَيْهِ بِالْعلمِ والإحاطة وَأَن ذَلِك أدنى إِلَيْهِ من الْعرق الَّذِي هُوَ دَاخل بدنه فَهُوَ أقرب إِلَيْهِ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَالْعلم بِهِ من ذَلِك الْعرق وَقَالَ شَيخنَا المُرَاد بقول نَحن أَي ملائكتنا كَمَا قَالَ ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قرآنه﴾ أَي إِذا قَرَأَهُ عَلَيْك رَسُولنَا جِبْرِيل قَالَ وَيدل عَلَيْهِ قَوْله ﴿إِذْ يَتَلَقَّى المتلقيان﴾ فقيد الْقرب الْمَذْكُور بتلقّي الْملكَيْنِ وَلَو كَانَ المُرَاد بِهِ قرب الذَّات لم يتَقَيَّد بِوَقْت تلقي الْملكَيْنِ فَلَا فِي صَحبه الْآيَة لحلولي وَلَا معطّل ثمَّ أخبر سُبْحَانَهُ أَن على يَمِينه وشماله ملكَيْنِ يكتبان أَعماله وأقواله وَنبهَ بإحصاء الْأَقْوَال وكتابتها على كِتَابَة الْأَعْمَال الَّتِي هِيَ أقل وقوعا وَأعظم أثرا من الْأَقْوَال وَهِي غايات الْأَقْوَال ونهايتها ثمَّ أخبر عَن الْقِيَامَة الصُّغْرَى وَهِي سكرة الْمَوْت وَأَنَّهَا تَجِيء بِالْحَقِّ وَهُوَ لقاؤه سُبْحَانَهُ والقدوم عَلَيْهِ وَعرض الرّوح عَلَيْهِ وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب الَّذِي تعجل
1 / 9