172

Faydalar

الفوائد

Yayıncı

دار الكتب العلمية

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

1393 AH

Yayın Yeri

بيروت

Türler

Tasavvuf
فصل فَإِذا دفعت الخاطر الْوَارِد عَلَيْك انْدفع عَنْك مَا بعده وَإِن قبلته صَار فكرا جوّالا فاستخدم الْإِرَادَة فتساعدت هِيَ والفكر على اسْتِخْدَام الْجَوَارِح فَإِن تعذّر استخدامها رجعا إِلَى الْقلب بالمني والشهوة وتوجهه إِلَى جِهَة المُرَاد وَمن الْمَعْلُوم أَن إصْلَاح الخواطر أسهل من إصْلَاح الأفكار وَإِصْلَاح الأفكار أسهل من إصْلَاح الإرادات وَإِصْلَاح الإرادات أسهل من تدارك فَسَاد الْعَمَل وتداركه أسهل من قطع العوائد فأنفع الدَّوَاء أَن تشغل نَفسك بالفكر فِيمَا يَعْنِيك دون مَالا يَعْنِيك فالفكر فِيمَا لَا يَعْنِي بَاب كل شَرّ وَمن فكّر فِيمَا لَا يعنيه فَاتَهُ مَا يعنيه واشتغل عَن أَنْفَع الْأَشْيَاء لَهُ بِمَا لَا مَنْفَعَة لَهُ فِيهِ فالفكر والخواطر والإرادة والهمة أَحَق شَيْء بإصلاحه من نَفسك فَإِن هَذِه خاصتك وحقيقتك الَّتِي تبتعد بهَا أَو تقرب من إلهك ومعبودك الَّذِي لَا سَعَادَة لَك إِلَّا فِي قربه وَرضَاهُ عَنْك وكل الشَّقَاء فِي بعْدك عَنهُ وَسخطه عَلَيْك وَمن كَانَ فِي خواطره ومجالات فكره دنيئا خسيسا لم يكن فِي سَائِر أمره إِلَّا كَذَلِك وَإِيَّاك أَن تمكّن الشَّيْطَان من بَيت أفكارك وإرادتك فَإِنَّهُ يُفْسِدهَا عَلَيْك فَسَادًا يصعب تَدَارُكه ويلقي إِلَيْك أَنْوَاع الوساوس والأفكار المضرّة ويحول بَيْنك وَبَين الْفِكر فِيمَا ينفعك وَأَنت الَّذِي أعنته على نَفسك بتمكينه من قَلْبك وخواطرك فملكها عَلَيْك فمثالك مَعَه مِثَال صَاحب رَحا يطحن فِيهَا جيّد الْحُبُوب فَأَتَاهُ شخص مَعَه حمل تُرَاب وبعر وفحم وغثاء ليطحنه فِي طاحونته فَإِن طرده وَلم يُمكنهُ من إِلْقَاء مَا مَعَه فِي الطاحون اسْتمرّ على طحن مَا يَنْفَعهُ وَإِن مكنه فِي إِلْقَاء ذَلِك فِي الطاحون أفسد مَا فِيهَا من الْحبّ وَخرج الطحين كُله فَاسِدا وَالَّذِي يلقيه الشَّيْطَان فِي النَّفس لَا يخرج عَن الْفِكر فِيمَا كَانَ وَدخل الْوُجُود لَو كَانَ على خلاف وَذَلِكَ وَفِيمَا لم يكن لَو كَانَ كَيفَ كَانَ يكون أَو فِيمَا يملك الْفِكر فِيهِ من أَنْوَاع

1 / 175