Faydalar
الفوائد
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
1393 AH
Yayın Yeri
بيروت
Türler
Tasavvuf
فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب ﴿وَقَالَ﴾ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُم وَقَالَ النَّبِي التَّقْوَى هَهُنَا وَأَشَارَ إِلَى صَدره فالكيّس يقطع من الْمسَافَة بِصِحَّة الْعَزِيمَة وعلو الهمة وَتَجْرِيد الْقَصْد وَصِحَّة النِّيَّة مَعَ الْعَمَل الْقَلِيل أَضْعَاف أَضْعَاف مَا يقطعهُ الفارغ من ذَلِك مَعَ التَّعَب الْكثير وَالسّفر الشاق فَإِن الْعَزِيمَة والمحبة تذْهب الْمَشَقَّة وتطيب السّير والتقدم والسبق إِلَى الله سُبْحَانَهُ إِنَّمَا هُوَ بالهمم وَصدق الرَّغْبَة والعزيمة فيتقدم صَاحب الهمة مَعَ سكونه صَاحب الْعَمَل الْكثير بمراحل فَإِن ساواه فِي همته تقدم عَلَيْهِ بِعَمَلِهِ وَهَذَا مَوضِع يحْتَاج إِلَى تَفْصِيل يُوَافق فِيهِ الْإِسْلَام وَالْإِحْسَان
فأكمل الْهَدْي هدي رَسُول الله وَكَانَ موفيا كل وَاحِد مِنْهُمَا حَقه فَكَانَ مَعَ كَمَاله وإرادته وأحواله مَعَ الله يقوم حَتَّى تَرِم قدماه ويصوم حَتَّى يُقَال لَا يفْطر ويجاهد فِي سَبِيل الله ويخالط أَصْحَاب وَلَا يحتجب عَنْهُم وَلَا يتْرك شَيْئا من النَّوَافِل والأوراد لتِلْك الواردات الَّتِي تعجز عَن حملهَا قوى الْبشر وَالله تَعَالَى أَمر عباده أَن يقومُوا بشرائع الْإِسْلَام على ظواهرهم وحقائق الْإِيمَان على بواطنهم وَلَا يقبل وَاحِدًا مِنْهُمَا إِلَّا بِصَاحِبِهِ وقرينه وَفِي الْمسند مَرْفُوعا الْإِسْلَام عَلَانيَة وَالْإِيمَان فِي الْقلب فَكل إِسْلَام ظَاهر لَا ينفذ صَاحبه مِنْهُ إِلَى حَقِيقَة الْإِيمَان الْبَاطِنَة فَلَيْسَ بِنَافِع حَتَّى يكون مَعَه شَيْء من الْإِيمَان الْبَاطِن وكل حَقِيقَة باطنة لَا يقوم صَاحبهَا بشرائع الْإِسْلَام الظَّاهِرَة لَا تَنْفَع وَلَو كَانَت مَا كَانَت فَلَو تمزق الْقلب بالمحبة وَالْخَوْف وَلم يتعبد بِالْأَمر وَظَاهر الشَّرْع لم ينجّه ذَلِك من النَّار كَمَا أَنه لَو قَامَ بظواهر الْإِسْلَام وَلَيْسَ فِي بَاطِنه حَقِيقَة الْإِيمَان لم ينجّه من النَّار
وَإِذا عرف هَذَا فالصادقون السائرون إِلَى الله وَالدَّار الْآخِرَة قِسْمَانِ قسم صرفُوا مَا فضل من أوقاتهم بعد الْفَرَائِض إِلَى النَّوَافِل الْبَدَنِيَّة وجعلوها دأبهم من غير حرص مِنْهُم على تَحْقِيق أَعمال الْقُلُوب ومنازلها وأحكامها وَإِن لم يَكُونُوا خالين من أَصْلهَا وَلَكِن هممهم مصروفة إِلَى الاستكثار من الْأَعْمَال وَقسم صرفُوا
1 / 142