Fatıma Zehra ve Fatımiler
فاطمة الزهراء والفاطميون
Türler
ونحن نستبعد جدا أن يكون للجنة المزعومة أصل في قلعة حسن بن الصباح، فإن التكذيب أرجح من التصديق في كل خيط من الخيوط التي نسجت منها القصة ذلك النسيج الواهي المريب.
إن الحسن بن الصباح كان معروفا بالصرامة والشدة على نفسه وعلى أتباعه، وكان يتنسك ويتقشف رياضة أو رياء أمام أتباعه وتلاميذه، ولم يكن من اليسير في تلك القلاع المنفردة أن يخفى أمر القيان ومجالس الراقصات والغناء زمنا طويلا دون أن يطلع عليه المقربون إن لم يطلع عليه جيرة القلعة أجمعون، وليس من المعروف عن مدخني الحشيش أن يحفظوا وعيهم ويفقدوه في وقت واحد، وأن يتلبس عليهم كلهم أمر العيان والسمع هذا الالتباس، وليس من المعروف عن الحشيش أنه يهيئ صاحبه لموقف الإقدام على المخاطر والإصرار عليها شهورا أو سنوات.
ومن المحقق أن شيخ الجبل لم يطلع أحدا على سره، وأن أحدا من المؤرخين لم يشهد تلك الجنة بنفسه ولم يسمع روايتها من شاهد بعينه، فهل من العسير أن يتتبع مصدر هذا الخيال من روايات الزمن الذي نشأت فيه وسرت منه إلى ما بعده من أزمنة القرون الوسطى؟ •••
إن روايات هذا الخيال قد نشأت بين الصليبيين ولم تنشأ بين المشارقة، وقد كان الصليبيون في حاجة إلى تأويل شجاعة المسلمين، وهم في عرفهم قوم هالكون لا يؤمنون بالدين الصحيح، فخطر لهم وقالوا وكرروا: إنهم يستميتون في الجهاد؛ لأنهم موعودون بالجنة التي تجري تحتها الأنهار وترقص فيها الحور الحسان، إذا استحبوا الشهادة في سبيل الله.
واستغراب الشجاعة من الفدائيين هو الذي أحوجهم إلى سبب كذلك السبب أو أغرب من ذلك السبب، وقد كان ماركوبولو في روايته يقول: إن الفدائيين صدقوا شيخ الجبل كما كان المجاهدون من العرب يصدقون النبي عليه السلام، وكأنه يقول: إنهم لهذا يقبلون الموت وهم قوم هالكون، فهم في شجاعتهم مخدوعون.
إن القوم قد عجبوا كيف يطيع الفدائيون شيخهم هذه الطاعة وكيف يقدمون بأمره على الموت المحتوم. فلم يتخيلوا لذلك سببا غير الجنة الموعودة، وعرفوا الحشيش، فالتمسوا فيه سر الجنة التي ترى في هذه الدنيا رأي العيان. وقد جاء ذكر الحشيش في كلام مؤرخي الشرق، وذكر بعضهم أن أناسا من شيوخ الطرق كانوا يستبيحونه ولا يحسبونه من المسكرات المحرمة، وذكر البندري مؤرخ آل سلجوق جماعة الحشاشين وعنى بهم طائفة الإسماعيليين، أما جنة «آلموت» المزعومة فهي من مخترعات الغرب لا نعلم أنها وردت في كلام مؤرخ إسلامي قديم، ولا أن أحدا من مؤرخي الغرب أسندها إلى مصدر من المصادر الإسلامية. ولو كان لها مصدر من المشرق الإسلامي لكانت كتب الشرق أولى بابتداعها من كتب الأوروبيين.
وأول دلائل البطلان في هذه الخرافة أن وجه الغرابة الذي دعاهم إلى اختراعها غير غريب، فإن النخوة الدينية كانت أقرب شيء إلى أتباع الأئمة في ذلك الزمن، ولا تصلح رؤية الجنة عيانا لتفسير تلك النخوة في عجائز الفناء فضلا عن الفتيان المجردين للفداء. فإذا كان أولئك الفتيان يستهينون بالموت؛ لأنهم شهدوا الجنة عيانا، فالعجب لأمهاتهم اللائي كن يفرحن بفقدهم وينتحبن لنجاتهم كيف ملكن جأشهن بغير تلك الآية التي رآها أبناؤهن رأى العيان؟! •••
لقد كان الأمل في ظهور المهدي المنتظر رجاء كل نفس وحديث كل لسان في ذلك العصر من المؤمنين بالمهدية، وكانت فتن العصر أشبه شيء بفتن آخر الزمان أو بأشراط الزمن الذي يظهر فيه المهدي المنتظر؛ ليملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وينجو بأتباعه ومصدقيه إلى حظيرة الخلد والسلام، وكان شيخ الجبل يتخير لتربية الفدائيين فتيانا أشداء يتفرس فيهم العزيمة والمضاء ولما يبلغوا الحلم، ثم يأخذ في تدريبهم على المشقة والطاعة وهم دون الثانية عشرة، وأكثرهم من أبناء الجبال في تلك الأطراف التي نشأ أبناؤها على الفطرة وعلى استعداد للتصديق والإيمان.
وكان الإيمان بالدعوة العلوية قد شاع في تلك الأطراف فخرج منها الأمراء والوزراء الديلميون الذين بايعوا خلفاء القاهرة وهم في بغداد؛ وكانت لشيخ الجبل إرادة من حديد تتسلط على أجناده تسلط «المنوم المغناطيسي» على المدربين عنده على التنويم، فلم يكن في طاعة هؤلاء وإقدامهم على الاستشهاد من غرابة ولا من حاجة إلى رؤية الجنة بالعين، وتأتي الحروب الصليبية فتلهب ما فتر من النخوة التي أذكاها الصراع بين الدول والفرق والطوائف والخلفاء والسلاطين. فلا يحتاج الفتى المدخر للاستشهاد إلى دافع أو حافز، بل لعله يحتاج إلى الوازع والرقيب.
والمؤرخون الأوروبيون الذين كتبوا عن خداع القادة لأتباعهم في الجماعات السرية كثيرون، منهم من يحسن التفسير ومنهم من يسيئه، ومنهم من يسرع إلى الاتهام ومنهم من يتريث فيه، فمن الذين أحسنوا التفسير إيفانون الروسي صاحب كتاب «مؤسس الإسماعيلية المزعوم»
Bilinmeyen sayfa